شارعٌيوازي شاطئ البحر،السير على أرصفته الضيقة يقربك من البحر، تشم رائحة منه تنعش النفس، تسمع حفيف مياهه الزرقاء تقترب من القناعة بإنصاف النفس، يغص بالمارة من أهل البلاد و السواح من كل الأرجاء،كأنه لا يهدأ، وكأن ناسه لا ينامون.

آلاف السيارات وأكثر منها دراجات نارية، وبائعي أرصفة متجولين، وطفل في الخامسة من العمر، يحمل مسدس ماء، يرشقك زخات من الماء، يغص بضحكته، يلزمك أن تضحك على ضحكته، وتتحمل فعلته، ألمْ يكن هو طفل ليس عليه حرجْ.

تَدخُل الشارع من الممر المؤدي الى الفندق، يقابلك تاجر رصيف يعرض مسدساً محشواً بالماء، يحاول إغرائك بتخفيض السعر، تتخيله نوعاً من الاستهزاء، تلف من حولك  لتتأكد فيما اذا كنت تلبس أو تحمل شيئاً يثير الاستهزاء، وحال التأكد من أن كل شيء مألوف، تتلقى رشقة ماء من امرأة شابة تحمل إناءً، تفرغه على من يمر الى جانبها، يقفز الى مخيلتك المليئة بالظنون تفسير لما جرى أنه قد جرى بقصد التحرش، في بيئة مليئة بالتحرش، تلعن شيطان التحرش، فيساعدك لامتلاك الوعي الذي بعثرته رشقة ماء، بقدر ينفع للاستفسار عن قصة هذا الماء، يجيبك رجل في الثمانين يمسك هو الآخر مسدساً، يقف في حال الاستعداد، كأنه جندي محارب يمتع نفسه بذكريات حرب لا يريد فقدانها من ذاكرة شاخت، يطلق عليك منه رشقة ماء، فتبادله بسؤال عن القصة، يجيبك بصيغة تعجب مصحوب بضحكة منتصر في الحرب:

- ألا تعلم سيدي أنه عيد الماء(سونغران) بداية سنة بوذية جديدة.

عندها يصبح الوقتقد حان محتوماً لشراء مسدس ماء،يفتش المحاربون القدامى عن مسدس بعيار ثقيل فيه عدة فتحات وشاجور يكفي لَتْرَيّنْ ماء، وان كان الماء ذخيرة كُدست من أجلها البلدية براميل على الأرصفة،تديم ملأهاطول الوقت.

وعندها تمسك المسدس مثلهم، ترش الماء على المارة مثلهم، لتجد نفسك واياهم وسط ساحة معركة، مقاتلوها ناس من كل الأعمار، وكذلك من كل الأجناس، وعموم البلدان، يضحكون، يفرحون يمرحون، يريدون سنتهم بوذية كانت أم هجرية أم ميلادية أن تبدأ بجرعة تفاؤل وتمنيات خير،تتمناها آخر النهار.

قال صاحبي لنتمنى مثلهم، فرفعت يديَّ صوب إلههم، قلت:

- بوذى العظيم أتمنى أن تدخل مدنكممليشيات. تخرب تسامح دينكم مافات منه وما هو آت. تعيدكم الى عصر الظلمات أو تبيد أجيال الملذات، وتصنع أجيالاً تعبد وكلاء الله بانتظار خمر الجنة والحوريات.

تنبهت وأنا أدعو بحسرة ملكوم على قسوة ذات مشبعة بهموم أخطاء ومليشيات،فأدرت وجهي ويديَّ مرفوعتان صوب ربي الواحد الأحد، قلت إلهي ابقهم هكذا في متع الدنيا والتفاهم يعيشون، لا تسمع دعواى فيهم أمة متسامحة، أو احسبها مثل دعواتأم لا تستجاب.

فوكيت ١٣/٤/٢٠١٧