أصر قبل يوم الختام أن يذهب الى سوق الأحد(شاتوشاك)، قال قرأت عنه أشهر سوق في الهواء الطلق، معروفللسواح وأهل البلاد، مشهورة محاله الخمسة عشر ألف،وثلاثون فداناً يقيم عليها بارتفاع لا يزيد عن المترين، لم تنفعحجتي عدم التمتع بالأسواق لتغيير وجهته، مقتنع بما قرأ، ولا مناص الا الموفقة ومجاراته طول الطريق بقطار حديث وعشر محطات على سكته المرتفعة عن الأرض عشر أمتار.

أشر على المحطة وعلى الطريق منها مشياً الى السوق.

بان السوقبحجمه كبيراً، وبأقسامه واسعاً لأنواع البضائع من الملابس الى النباتات ثم الصناعات المحلية والطيور وساعات تقليد.

المحال تتشابه وتتدافع مع بعضها البعض، وكذلك الأكشاك، وعربات الطعام.يصعب إكمال مشاهدته مشياً في يوم واحد لشاب في مقتبل العمر. يسحبك التجوال بين محاله والوقوف للاستراحة أو تناول جرعة ماء الى الاقتناع بأن هذا السوق يمثل قديم هذه البلاد،ويمثل فلسفة الشرقيين في عرض البضائع والمساومة على الأسعار. لا تخجل من إعطاء السعر الذي تريد وان قل عن النصف، كل شيء هنا وفي هذا السوق قابل للمساومة.

ها هي الساعة الأولى توشك أن تنهيفي وقتها المحسوس طبيعياً، قال وجدت ضالتي حزام جلد بمائة (بات) أيثلاثة دولارات، وحال دخول الساعة الثانية صار وقع الوقت المحسوس ثقيلاً، أكمل خلالها ما تبقَّ من ضالته، حافظة نقودبمائة بات أيضاً، عندها قال لنعد فالجولة تحت وهج الشمس متعبة حقاً.

قلتانصافاً لمعادلة الرأي واثبات الذات أن نختمها بسوق عصري، لم يعارض، فهو عادة سهل لا يعارض. بادر من جانبه بإخراج خريطة يحملها، أشَرَّعلى منطقة (أسوك)، وسوق لها (مول) بعدة طوابق كل طابق منه بعلامات وهندسة ديكور يعكسحال دولة، طابقه الأول بريطانيا،واجهته محطات القطار وأسماء أحياء مشهورة، ومن بعده التركي بتمثال لمغنٍ،يلبس لباساً تقليدياً، يمسك آلة السوز (البزق)، صعوداً الى الامريكي ومجسم جسر سان فرانسسيكو المشهور ومطاعم بابها نصفين يفتحان باتجاهين.

أما الفرنسي فتشم بتجوالك فيه رائحة عطور، والياباني تزينه لوحة رسمها الفنان الياباني سايكي لسيدة بلباس تقليدي تحمل (مهفة)، وفي الداخل أحدث تكنلوجيا الاتصال.

أخذته قصداً الى الطابق التايلندي والى محل بضاعته جلود، سألت عند حزام وحافظة نقود، كان سعرهما سوية أكثر قليلاً من سعر سوق الأحد وجودتهما أحسن بكثير. تركت صاحبي واقفاً عند البائعة يفاصلها بالسعر الذي يقنعه بالربح الذي حققه في صفقة سوق الأحد، لكنه لم يفلح، ولتفادى النقد توجه الى الطابق الأرضي، بمطاعمه متعددة الأصناف والثقافات، غيَّرَ الحديث الى ما يناسب الغداء، طعاماً يابانياً هذه المرة،والى استنتاج أن هذه البلاد تجمع بين القديم والحديث، وانها تجاوزت آثار القديم واقتربت من الغرب فهماً للحياة ومتعة العيش خلال عقدين من الزمان، وان نشاط أهلها وتسامحهم وطبيعة أرضهم وفهمهم المعقول للسياحة الفضل في هذه النقلة الكبيرة، ومع هذا مازالوا يكافحون لتجاوز عتبة الفقر التي تركها القديموسيتجاوزونها في القريب.