بَقيَ لهذه الجزيرة فوكيت من الوقت المخصص يوماً واحداً. أماكن السياحة فيها كثيرة وخيارات السواح أقل. الأفضل في حالتنا الذهاب الى مكتب سياحي، فهم جيدون في الدلالة، منضبطون في المواعيد.

عرضت مديرة مكتب قريب،تدلُملابسها المحتشمة وبعض أسئلتها أنها مسلمة.أسهبت في تقديم الصور والايضاحات. فضلَ صاحبي شيئاً وفضلتُ آخراًمختلف تماماً، واتفقنا هزلاً أن نترك الأمر لها أن تختار كي لا نفتح ثغرةًلخلافٍ طائفي ونحن في الأصل مختلفتان،فَحسمتْالأمر. الساعة الثامنة صباحاً وقت الانطلاق في سيارة ميني باص، فيها مرشدة وعشر سواح مختلفي الأديان والبلدان، دخلت غابة تقيم على جبل يشرف على المدينة والبحر. الطريق داخلها متعرج مثل أفعى في سيرلها بين أعشاب.

قالت سأتوقف هنا عشر دقائق لتتمتعوا بمنظر المدينة من أعلى، فكانت وكأنها لوحة أبدع في رسمها فنان مشهور. ومن بعدها طلبت ترك السيارة ساعة ونصف،ليأخذ الجميع أفيالا في التجوال، كان الفيل مخلوق ضخم تتذكر حال امتطاء ظهره، ابرهة الحبشي، وفيلة الجيوش القديمة، واستغلال الانسان البشع لمملكة الحيوان.

لم يكن القرد استثناءً من الاستغلال فعرضه ممتع في لعب كرة السلة والدلالة على الأرقام. ومثله الأفاعي في عرض تسمع فيه صراخ النسوة مع كل حركة.  

في أعلى قمة الجبل تمثال ضخم لبودا الحكيم أو ابن الله كما يعتقد الأتباع أو النبي حسب ضن البعض، يرتفع خمس وأربعون متراً، وجهه الي المدينة كمن يضعها والبحر بين ذراعيه ليحميها، تحته معبد، في أحد أجنحته كاهن، يزحف الى مكانه من يقصده عدة خطوات. لا يسأل الكاهن عن ديانة قاصده فهو يبارك الجميع. يبادر بالتحية،يشد على الذراعحبل رفيع منسوج من خيوط ملونه، ثم يرش من عصا في آخرها قش، ماءً مباركاً على الرأس.

المؤمنون والزوار وكذلك السواح يتبرعون نقوداً ملأت صناديق. وفي الجناح الآخر، يجلس تلاميذ شباب وأطفال بملابسهم البرتقالية،يتناولون غدائهم ليعودوا الى الدرس، والى جانبهم امتدت مائدة طعام بأصناف عدة لمن يقصدها من الزوار، لا أحد يسأل عن الثمن فهي تقدم بالمجان، تبرع بها أحد الأخيار تبركاً... طقوس عبادات كثير منها موجود عندنا، تجعل أصحاب النوايا الحسنة من كل الأديان أن يعبدوا الله من أي مكان ومن خلال أي دين كان.

مكان آخر، تقيم فيه فرقة فنية للشباب مسرحاً لها، تغني فوق خشبته أغانٍ محلية وأخرى أجنبية، صعدت حميّة الطرب في رأس بريطاني مسن، قام من مكانه ليرقص أسفل المسرح، لم يمتثل الى زوجته التي حاولت ثنيه خوفاً عليه، أنتظر الجمعلحظة سقوط له قد تحدث في أي لحظة من جهد يبذله في رقص تشتد فيه الحركات، لكنه لم يسقط، قاوم وأكمل الأغنية وثانية بعدها ليعود الى زوجته وسط تصفيق الجمهور الحار.

فوكيت ١٤/٤/٢٠١٧