قبل أيام أعلنت، النزاهة أن أكثر من مائة وخمسين مزورا لشهاداتهم، كانوا من بين المرشحين غير الفائزين في أنتخابات مجلس النواب العراقي الأخيرة بينهم عدد من النساء.

تناقلته بعض الصحف العراقية، وبعض الفضائيات العربية والعراقية، تناقلا عابرا، حتى لم يعلق عليه أحد، من المسئولين في القضاء، ولا رجال الدولة الرسميين.

ولم يأسف لحصوله أحد، من البرلمانيين المغادرين أو القادمين.

ولم يتناول موضوعه، أكاديميين.

ولا حتى إعلاميين، عادة ما يتحسسون، لمثل هكذا مواضيع أكثر من أقرانهم، باقي المهنيين.

كأن الموضوع لا يمثل فسادا في مجتمع كثر فيه الفاسدين.

ولا يؤشر جريمة، في عراق تفشت فيه الجريمة، وزاد عدد المجرمين.

ولا يعبر عن خرق في القيم الاجتماعية، وإختلال في المنضومة الاخلاقية لعموم العراقيين.

مر الموضوع، وكأن شيئا لم يكون.

كأن تزوير الشهادة أمر مألوف، والتمترس خلف أطر الشهادة هو المطلوب.

كأن الدكترة باتت في يومنا هذا، تغطي جهلا بات معروف.

كأنها تستر عوراتنا، وكثر الذنوب.

لقد مر الموضوع، أو حصل الموضوع، ومن حقنا أن نقارن ونقول، أن مثله أو أقل منه بكثير، لو كان قد حصل في أي مجتمع من المجتمعات، لقامت الدنيا فيها ولم تقعد، لسقطت حكومات، وأعتزل سياسيون عملهم، وأعادت أحزاب حساباتها من جديد.

لكنها في العراق، ليست كذلك، وإننا في العراق لا نشبه غيرنا من قريب أو بعيد.

لأننا لم نتعود أن نستقيل، وإن أعتزلنا عملا، بطريقة التقاعد أو العزل التعسفي في الغالب، سنجد أنفسنا مركونين في زوايا النسيان، ونجد الجار الذي كان يقف مبتسما، لتحيتنا في الصباح، قد أبتعد عنا بعد عزلنا أو أعتزالنا، وغلق بابه، وأضاف من عنده رتوش عن ملابسات الإعتزال، وفي ملاقاتنا معه عبورا، يأبى أن يبدأ بالسلام.   

ولم نتعود، الاعتراف بأخطائنا وخطايانا، لأننا لو أعترفنا بالبسيط منها صدفةً، أو دون سعي مقصود، سَنوسمُ بالجرم، ونُتَهمُ بالتخريب، ونفسَح المجال لكل القريبين منا أن يطعنونا بسكاكينهم الحادة، طعنا ليس بقصد التقويم وأنتاج المجتمع الفاضل كما يقولون، بل لإزاحتنا، والجلوس في المكان البديل.

ولم نتعود، تحمل أخطاء معيتنا، لأننا نعتقد مع أنفسنا، كما كان إداريو بلدنا السابقون يعتقدون، أن طريقتنا هي الصح.

وإن أخطاء من معنا، يخدش الاعتراف بها حيائنا، ويقلل من قدرنا.

تعودنا، أن نسكت عن حدوثها، وقد نفرح مع أنفسنا بحصولها، لنغطي بسكوتنا، كثر أخطائنا التي تزكم رائحتها أحيانا كل الأنوف.

وقد نغض الطرف عنها، لأننا نخاف أن يضعنا الأعلى منا، في نفس خانة الخطأ، ويتهمنا بالتواطئ مع المخطئين، والاشتراك معهم في الخطأ، وتقاسم الذنوب.   

لم نتعود الكثير من معايير الصح، التي تفيد وحدها المشاركة في إعادة بناء أنفسنا ووطننا بشكل صحيح، ورغم عدم التعود غير السوي هذا، لم يكن مبررا أن يمر موضوع تخريب وإعاقة مثل هذا الموضوع، مرور الكرام.


                                                                                         د. سعد العبيدي                                           

                                                                                          4/6/2010