لم يفق المجتمع العراقي الجديد من حيرة تملكته طوال السنوات الثمانية التي أعقبت التغيير، من الأحزاب وكثرتها والمناضلون ومساعيهم بالتفرد والتسقيط، ومن تدخلات دول الخارج القريبة منها والبعيدة، وصرف الأموال في غير محلها، وأعمال الفساد والاعاقة المتعمدة للنمو وإعادة الإعمار، وغيرها متغيرات ومعالم حيرة لا تنتهي في ضباب غطى المشهد السياسي العراقي طوال تلك السنين، حتى يفاجئ في الايام الحرجة التي خرج فيه آخر جندي أمريكي منسحبا من العراق، بأن حمايات لقادة كبار متورطون في أعمال إرهاب، وإن سياسيين يدعمون الارهاب.... مشهد يصعب أستيعابه وإن كان العديد من السياسيين القريبين من أطراف الحكومة، كانوا يشيرون في جلساتهم الخاصة عن وجود مؤشرات حول مشاركة الحمايات والسياسيين، ويؤكدون أن المشكلة في عدم إمتلاك الأدلة اللازمة للادانة، وتوجيه الاتهام الذي قد يهز المشهد السياسي برمته.

هذا وبغض النظر عن علامات الاستفهام الخاصة بتوقيت إرتكاب الجرائم الإرهابية التي قادت الاجهزة الامنية الى وكر الحمايات الخاصة، وإتساع إتجاهات الاتهام، والعلامات الاخرى ذات الصلة بسرعة كشف الموضوع في وقت حرج، فيه النفوس متشنجة تنتظر ما سيسفر عنه الانسحاب، وبغض النظر عن أبعاد الموضوع وإنعكاساته على الشارع العراقي الذي يترقب كل فعل من قبل السياسيين وكل رد فعل لهم ما بعد الانسحاب، فإن من ينظر الى الموضوع برمته سواء شارك بحصوله بعض السياسيين الكبار موجهين ومباركين أو غاضين النظر أو لم يشاركوا كأضعف الايمان، فعلى الجميع أن تعي جيدا أن الفعل الذي يحصل من قبل المعية وعلى أي مستوى من المستويات، يحسب على السياسي أو المسؤول الأعلى الذي يتبعونه، وينعكس على مواقفه، ويتحمل هو وحده المسئولية الاعتبارية، عرفا سارت عليه جميع الأمم التي أستطاعت أن تبني نظم سياسية لا تتأرجح في الهواء مع كل نسمة يثيرها ساسي أو مسؤول، إلا دول عربية وإسلامية بينها العراق، لا يتحمل فيه السياسيون أعباء الأخطاء حتى لو جاءت من الأبناء. الأمر الذي يتسبب في هزات سياسية تضع البلاد في حالة توتر وعدم أستقرار، مثلما يجري الآن على الساحة السياسية العراقية التي يتحكم في بعض جوانبها أفراد الحمايات والمكاتب الخاصة، إلى المستوى الذي يمكن عده لوثة في العمل السياسي، ومعيب على أهل العراق الجديد، ما كان يفترض به أن يحصل في بلاد، وصف أهلها بعدم الرضا عن مسؤوليهم بأي حال من الأحوال.

هذا وبغض النظر عن الذي حصل في الماضي القريب، وما سيحصل في المستقبل القريب، تبقى العقلنة سيدة الموقف، ويبقى تحمل أعباء المسؤولية والاعتراف بالخطأ هو الأساس، لحماية العراق والمحافظة على بقاءه عراقا كما كان.