أعلن السيد وزير التربية في مؤتمر صحفي له في بغداد أثناء عملية إعلان النتائج الوزارية، السماح لطلبة السادس الاعدادي الراسبين بجميع المواد بأداء أمتحانات الدور الثاني، كما سمحت للراسبين بثلاث مواد في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة المنتهيتين بأداء أمتحانات الدور ذاته، مؤكدا في مؤتمره هذا أن القرار فرصة للطلبة كي يبذلوا المزيد من الجهد لاجتياز المرحلة الاعدادية.

إن هذا القرار أو طبيعته قد تكررت كثيرا منذ العام 1958 يوم أمر عبد الكريم قاسم بإجراء زحف أي الانتقال إلى المستوى الدراسي الأعلى لجميع الطلبة الراسبين وفي جميع المراحل، في السنة الدراسية لثورته... مكرمة منه قائد أوحد أبقيت مثار تندر لعدة أجيال لاحقة يوم سميت بسنة الزحف، وكني الناجحون فيها بحماعة الزحف.

ويوم أمر صدام حسين بإعادة أمتحانات الراسبين، مع كل أزمة قتال في حروبه الممتدة، وتوسيع هامش القبول الاستثنائي في المدارس والجامعات، ومنح الدرجات حسب المستويات القيادية القريبة منه حتى حصل البعض من الطلاب في سنوات حكمه الأخيرة معدلات تزيد عن 100%، .... مكارم منه قائد الضرورة، أرست مع كارثة الزحف من قبله أولى قواعد التهديم في العملية التعليمية، وأسهمت في تكوين أمية خريجين أستمر العراق يدفع ثمنها حتى وقتنا الأحوج إلى كفاءة وإخلاص الخريجيين.

وقد تكرر كذلك أكثر من مرة خلال سنوات إعادة بناء الدولة العراقية ديمقراطيا بعد عام 2003، حتى أصبح أشبه بالتقليد الحتمي أو القاعدة الاساسية في العملية التعليمية تتوارثها أجيال ويسير على خطاها كل وزير، لا يحتاج هو ولا هيئة الرأي في وزارته من تذكيرهم بآثاره السلبية على العملية التعليمية التي تتجه إلى التدني وبسرع لاتقوى الترقيعات الجارية على ترميمها، وتذكيرهم أيضا أن الأمية المقنعة التي أنتشرت في العراق بسبب التسيب والتطاحن والجوع والفساد سوف تزداد نسبها بزيادة نسب الراسبين المدفوعين إلى النجاح دفعا تحت بند التساهل وربما الترضية السياسية، وأن الجامعات سوف لن تقوى على الاستيعاب، وأسواق العمالة سوف لن تقدر على الايفاء بتعيين الخريجيين شبه الأميين، وأن دول العالم وجامعاتها سوف تبقي الجامعات العراقية وخريجيها في آخر قوائم القبول والتصنيف، وسيختفي العلماء والمبدعين والسياسيين المنصفين، وسيضعف الطموح ويقل أثر المنافسة ويستشري الخدر التحصيلي، وسيتدنى مستوى الأداء.    

إن الفرص التي تبغي الوزارة توفيرها إلى الطلبة ليكونوا ناجحين ليست بإعادة أمتحان الراسبين، بل بتوفير مستلزمات العملية التعليمية من مناهج وأدوات ومعلمين مخلصين وأبنية وظروف دراسة صحيحة، ومن ثم زيادة مبالغ الاستثمار في عقول الناشئين، إذا ما توفرت كما هو مطلوب سيهتف الطلبة وأولياء أمورهم إلى الوزير على إنه الأنسب، وسيضعونه في مقدمة السياسيين والأكاديميين المهنيين على إنه الأخلص، وإن كان من طائفة أخرى غير طائفتهم أو من قومية أخرى غير قوميتهم أو حتى من قائمة سياسية لا تحضى بتأييدهم في الانتخاب.      


                                                                   د. سعد العبيدي

                                                                   13/7/2011