لا أحد من أبناء الشيعة ( المسلمون) يجرؤ أن يمد يد الغدر ويسهم في تفجير مراقده المقدسة، أو أن يمس الأئمة بسوء من قريب أو من بعيد، وهو الذي اتخذهم شفعاء له في الآخرة. ومن غير المنطقي أن يُتهمَ أحد منهم بفعل ذلك على مستوى العلن أو حتى في السر بين دهاليز السياسة.
ولا أحد من أبناء السنة ( المسلمون) يجرؤ أن يفعل بمثل ما فعل الإرهابيون في مرقد الإمامين علي الهادي وحسن العسكري عليهما السلام أو أن ينوي فعل ذلك أو غيره من الأفعال التي تمس الأئمة الأطهار وهم حماة المرقدين، ومعنيين بإدارة شؤونهما منذ مئات السنين، ومن غير المنطقي تحميلهم المسئولية المباشرة، وغير المباشر ولا بقية السنة في عموم العراق.
ولا أحد من كلا المذهبين قد حدد مكانا يلاءم وحده شرعا عبادة الخالق، مسجدا كان أو حسينية، أو أقتصر العبادة في أحدهما دون الآخر، وحرم التعبد بالمقابل في المكان الآخر. ولم يكن المسجد حكرا على السنة، ولم تكن الحسينية كذلك بالنسبة إلى الشيعة. ومن غير المنطقي تقسيمهما حصصا على السنة، والشيعة كما هو حال المناصب السياسية التي أفسدتها القسمة والمحاصصة، وأسهمت مع غيرها من عوامل أخرى بوضع العراق على حافة الحرب الأهلية المقيتة.
ولا أحد من علماء الشيعة الأجلاء وعقلاء قومهم يقر أن السني في الأعظمية، أو العامرية، والدورة، وغيرها مسئول مسئولية اعتبارية عن تفجير رمز من رموز الطائفة الشيعية، ومن غير المنطقي اتهام المرجعية الدينية والسياسية الشيعية بالتحريض على ذلك.
ولا أحد من علماء السنة الأعلام وعقلائهم يتهم مسلما شيعيا بتفجير المساجد، وحرق المصاحف الكريمة التي لم تكن شيعية، ومن غير المنطقي اتهام الشيعة بذلك، وهم من بين المسلمين الذين يخشون التقرب إليها إلا وهم أطهار.
إن المنطقي في تطور الأحداث السائدة في العراق الآن هو أن التفجير والقتل يدبره إرهابيون تمتد جذورهم إلى الخارج بدافع إثارة الفتنة بين المسلمين الشيعة، والسنة ليتسنى لهم إضعاف الطرفين وإقامة إمارة على غرار ما جرى في أفغانستان إبان حكم طالبان، أو تقسيم العراق إلى عدة إمارات من ذلك النوع، وأدواتهم إلى التنفيذ بعض من المضطربين، والمنحرفين جاءوا من عدة بلدان عربية وإسلامية إلى العراق كطريق لغسل الخطايا، وعلاج الاضطراب، يعاونهم قلة من العراقيين القتلة والجهلة الذين لا يدركون عواقب أفعالهم المدمرة للعراق.
والمنطقي أيضا أن أحداث مثل هذه جسام تثير غضب الفئة المستهدفة خاصة أولئك الذين لا يستطيعون السيطرة على مخارج غضبهم فيتوجهون إلى الشارع كاستجابة انفعالية ساعين إلى عمل أي شيء يستطيعون فعله في الجماعة التي يعتقدون حسب مستوى إدراكهم البسيط أنها الخصم في الموضوع الذي أثار غضبهم كنوع من التنفيس عن دلك الغضب.
إنها مسألة نفسية معقدة، والتعامل المنطقي في مثل حالاتها يتأسس على الجري السريع من قبل المراجع الدينية، والسياسية الحاكمة، والإعلام النزيه لتحوير شحنات الغضب من فعل التدمير الموجه للجماعة المقصودة إلى سلوك يتمحور حول الاحتجاج السلمي المقرون بالتحرك البدني، والصراخ، والبكاء، وحتى اللطم الذي يكون كفيلا بإخراج شحنات الانفعال السلبي بأقل ما يمكن من الضرر المحتمل.
لكن النجاح في ظروف الغضب المركب لأحداث العراق المستمرة يكون مضمونا عندما يتوجه الطرفان الرئيسيان في حلبة الصراع سريعا إلى الشجب، والإدانة، وتهدئة الخواطر، والتعزية، وتحديد عدو مشترك يتحمل المسئولية، وتوجيه الغضب باتجاهه، لكن هذا ومع الأسف لم يتم على المستوى العام الشامل، إذ يظهر على الفضائيات بين الحين والآخر من يوجه الاتهام بارتكاب فعل القتل ، والتفجير، وأعمال التخريب سريعا إلى أطراف في الحكومة، ويوجه آخر التهمة إلى جماعات دينية مما يضعه هو وجماعته وحزبه هدفا لغضب عارم يجرى تعميمه إلى باقي أبناء الطائفة السنية على وجه الخصوص، وبسببها تنتشر الأعمال الخطأ، وتتعزز في النفوس مشاعر الخوف والحقد، وتزيد نسب الخطر التي قد تتسع لإشعال حرب فتنة لا يمكن تدارك آثارها الكارثية على عراق الحاضر والمستقبل، إلا إذا عاود البعض من السياسيين، وبعض رجال الدين المتورطين بالسياسة حساباتهم وأيقنوا تماما أن معالم التحدي، والاتهام وإن كانت فيها بعض معالم الصحة فهي وقود غضب قد لا يتمكن أحد من السيطرة عليه حتى تحل الكارثة، وإن حلت سيسجل التاريخ حتما أن أبطالها سياسيو فتنة، وضحاياها كل العراقيين بينهم السياسيون مثيرو الفتنة.
د. سعد العبيدي