أنتقل إلى جوار ربه اللواء الركن حسن مصطفى النقيب، وأنتقلت معه عديد من الذكرايات إلا ما يتعلق بمواقفه الوطنية التي بقيت، وستبقى في ذاكرة العراقيين شواهد تؤكدها الأجيال، كل الأجيال التي سنحت لها الفرصة في أن تقف بالضد من صدام حسين منذ بداية السبعينات للقرن الماضي وحتى التغيير عام 2003، وتلك التي لم تسمح لها الظروف في البوح بكلمة عتب أو إنتقاد...... يتذكره الجميع وطنيا شجاعا ترك الحزب بعثيا من الصفوة يوم كان الآخرون يتمتعون بميزات المناصب، وفضائل التقرب من السلطة، ويوم كان التفكير بتركه والمكان جريمة يلاحق عليها الوطني إينما حل به الترحال، فسجل النقيب سابقة بالاحتجاج على سياسة الحزب التي بدأت بالانحراف آنذاك أسهمت مع غيرها في تنبيه العديد من البعثيين إلى خطورة الإنحراف.

يتذكره ضباط الجيش العراقي من خمسينات القرن الماضي وحتى وقتنا الراهن ........... ضابط محارب شجاع، وضابط ركن جيد، وآمر وحدة مقتدر، وقائد حازم يقر له بذلك من عمل معه آمرا ومأمورا، ويؤكد هذا الإقرار الضباط غير العراقيين الذين خدموا بإمرته عندما كان قائدا للجبهة الشرقة في أحلك ظروف الصراع المسلح بين العرب وأسرائيل، فسجل بتركه آخر منصب عسكري له كمعاون لرئيس أركان الجيش سابقة بالتمرد على منظومة القيادة العسكرية المسيسة آنذاك، فأسهمت مع غيرها بالتنبيه إلى بدايات التدهور في حشر العسكر العراقي بمفاهيم الجيش العقائدي، وزجه بجملة حروب خاسرة أنهت وجوده المهني والوطني.  

يتذكر حضوره أيضا السياسيون الموجودون في الحكم حاليا والمتواجدين خارجه، سياسيا وطنيا معارضا، شارك بكفاءة وأقتدار في التجمعات والمؤتمرات والتنظيمات التي عملت على تخليص العراق من محنة الحكم الفردي، فسجل إنطباعا بالإخلاص للعراق، ولأهل العراق، وحيادية لا يميز من خلالها بين عربي وكردي أو تركماني، ولا يفرق بين سني وشيعي، يعطي الرأي السديد للجميع، ويسمع الرأي المختلف من قبل الجميع وهو في أشد حالات المرض، وسجلت له مواقف في التعفف عن حشر إسمه بعد التغيير في أي من الاتجاهات والتوجهات السياسية التي حاولت أن تزيد من سعة الإصطفاف المذهبي أو المناطقي لأغراضها الخاصة، مؤكدا لمعارفه والقريبن:

رغبته في أن يبقى عراقي له حصة في الجميع.

وطني يتقاسم تاريخه المشرف كل العراقيين.

ويتذكر ضباط المعارضة بمجلسهم العسكري المشكل عام 2002 موقفه الداعم لمساهمة العسكر في الجهد المعارض على الرغم من مواقف التعويق لبعض السياسيين آنذاك، وتعهده على الرغم من كبر سنه بالدعم المعنوي، والمساندة غير المشروطة للتسجيل واحدا مثل غيره من الضباط الساعين إلى تعزيز العمل الوطني الجاد والمخلص من أجل العراق، فسجل بإلتفاتته هذه قدوة في الوقوف بالصفوف الأولى، ورغبة صادقة في المساهمة، وأمل حقيقي في التخلص من بؤس الديكتاتورية المقيتة.     

لقد رحل القائد العسكري والسياسي اللواء الركن حسن مصطفى النقيب ، ودفن في مقبرة الشهداء كما تمنى، وستبقى مواقفه السياسية، وسيرته العسكرية نبراسا ينير الطريق للأجيال التي ترغب في أن تتعض من عبر التاريخ.

تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، إنه سميع مجيب.

د. سعد العبيدي                19/11/2007