يأس السيد محمد من وعود الكهرباء بصيف مريح كانت مؤشراته عمليا تمنيات لدى المواطنين في أن تثبت البرمجة على ثلاث ساعات مقابل ثلاثة، وبعد أن وجد نفسه غير قادرا على تحمل يأسه والإحباط توجه إلى جمع ما بحوزته من مال وضعه احتياطا لعاديات الزمن، وأشترى يوم 21/6 الجاري مولدة كهرباء "جنريتر" وضعها في سيارة نقل كبيرة، ذكره سائقها المحترف قبل التوجه إلى البيت في اليرموك بضرورة اصطحاب قائمة الشراء، عندها هز رأسه بالإيجاب دون أن يدرك معنى التذكير، حالماً مع بداية الطريق بصيف مريح أوجده هو وليست الوزارة المعنية، لكنه وقبل عبوره الرصافة إلى الكرخ أوقفته مفرزة شرطة طلبت أوراق المولدة فعرض عليهم القائمة وسمحوا له بالاستمرار في السير، حتى وصل الساحة القريبة من بناية المجلس الوطني فانطلقت نحوه سيارتي شرطة طلبت نفس الطلب، وانتهت المسألة بنفس طريقة العرض السابقة، وقريبا من معرض بغداد الدولي أوقفته المفرزة الثالثة التي طلبت " المنفيست" الخاص بالمولدة إضافة إلى قائمة الشراء، وبعد رد وبدل لم يقتنع آمر المفرزة الشاب بأن المنفست المطلوب يخص المستورد، وإنه قد يجمع أكثر من مولدة، وإنه من اختصاص شرطة الجمارك، لكنه أي آمر المفرزة وبالتفاتة كرم أصيلة قال للسائق وصاحب الشأن توجها إلى البيت ونحن نتبعكم لنتحقق من الأمر ميدانيا، وبعد وصولهم عاود النقاش من جديد حتى تدخل المشتري بجرأة أكسبته خاصيتها سني التعامل الطويل مع ظروف التجاوز والخطأ قائلا، أن الأمر وما فيه طبيعي وإني أعمل في السوق وأعرف تماما ما هو المطلوب فأرجو أن تدخلون مباشرة بالموضوع، وتحددون كم من الفلوس تريدون، وفي حالتها أفتعل آمر المفرزة  الانزعاج وطلب الفصل عشائريا، وفعلا جرى الفصل بطريقة المناقصة على رصيف الشارع المجاور للبيت محسوما عند الرقم خمسة وعشرون ألف دينار سلمها صاحب الشأن وهو لا يعلم بالعشيرة التي ينتمي إليها أولئك الحماة المؤتمنون، وهم بطبيعة الحال لا يعلمون بعشيرته المصون، سلمها عن طيب خاطر مستهزئا بابتكار للابتزاز ينسجم وظروف البلد ومستوى التخلف الموجود، ومع ذلك وقبل أن تترك المفرزة رصيف الفصل سأل آمرها بلهجة الود التي تعقب عادة انتهاء أعمال الفصول بين العشائر المحترمة هل أن هذا الفصل الذي دفعه توا هو رد لإعتبار الشرطة في نقاش كان بعضه حادا؟ أم تطبيقا لقوانين لم يخالفها؟ أم ثمنا لتركهم الواجب لما يقارب الساعة من الزمن؟ فأجاب الآمر الشاب وهو يستدير بسيارته اللاندكروزر إنه لها جميعا. وبعد أن غادرت المفرزة المكان وقف بمواجهة سائق السيارة وبعض العمال الذين حضروا معه قائلا:

هل يعقل أن يطلب حماة النظام في دولة الديمقراطية تسوية موضوع بينهم ومواطن آخر عشائريا ؟

وهل يعقل أن يعود العراق عشرات السنين إلى الوراء ليتعامل بحكم العشيرة التي رقص عديد من رؤسائها في حضرة صدام؟

وهل يعقل أن تأمر سيارة نقل بالتوقف للمساءلة ثلاث مرات في مسافة لا تزيد عن العشرة كيلومترات، وسيارات أخرى تجوب بغداد وفيها متفجرات وأسلحة وخطط للاغتيال والتفجير؟

وهل يعقل أن تترك دورية شرطة مكان واجبها وتسير خلف سيارة نقل، وتناقش وتطلب الفصل، وتنجزه بما يقارب الساعة من الزمن ولا أحد يسأل عنها ومدى تنفيذ المهام؟

نعم يعقل كل هذا، وأكثر منه بكثير في المجتمع الموعود بالديمقراطية أجاب هو عن الآخرين مؤكدا أن الصيف القادم سيكون مريح على وفق المفهوم الجديد للأمن التعسفي. 

د. سعد العبيدي                                                      22/6/2005