يفصلُ الرأس عن جسد أتعبته الدنيا، فغادرها إلى الآخرة مودعا من قبل المحبين، ويقتل حتى الشيوخ والصغار من المشيعين المحبين، والفاعل مجهول أختار الطريق العام إلى المستقر في النجف الأشرف، قريبا من اليوسفية بعناية فائقة لتنفيذ جريمة أنتج فعلها قدرا من الرغبة في الانتقام عند البعض، وسكوتا من البعض، واسهجانا من البعض، وتهربا حتى من الإدانة عند البعض الآخر، وطلبا  للتهدئة من قبل المرجعية الدينية كان هو الحاسم في تجاوز أزمة طائفية أو فصل من فصولها المرسومة خارج العراق.

وترغم عوائل تحت تهديد السلاح على ترك سكنها والأجداد في الدورة وأبو غريب ومدينة الشعب وأماكن أخرى، لأنهم من الشيعة سكنوا في حي أغلبيته من السنة، أو إنهم من السنة استقروا مع أخوة لهم من الشيعة، بطريقة همجية أدت إلى أن يندب البعض حضه العاثر على سكن أورثه الأجداد من زمن لم يكن فيه سائل عن المذهب والدين، وأدت أيضا إلى شماتة البعض، وإلى سكوت البعض، واستنكار البعض الآخر، ودعوة من المرجعية الدينية إلى التحلي بالروية والصبر، كانت من بين عوامل الحد من اتساع التهجير الطائفي كفصل من فصول الفتنة المدفوع لتنفيذها من خارج العراق.

ويتسلل إرهابي تكفيري متعصب من بين جماعة تأويه، وأخرى تقدم له الدعم الاداري والمعلوماتي اللازم، يرتدي حزاما ناسفا يفجر نفسه بين جمع من الشباب الفقراء الساعين إلى التطوع في سلك الشرطة أو في إحدى صنوف الجيش الجديد، فيقتل العشرات ويعوق المئات بأسلوب يفضي إلى الحيرة عند البعض، والرغبة في القصاص أيضا عند البعض، والتشفي والتبرير عند البعض الآخر، وتدخلٌ من قبل المرجعية الدينية للفصل بين الفعل والمذهب، كان له الأثر في التهدئة وعدم اتساع الانتقام كفصل متقدم من فصول الفتنة التي يروج لها من خارج العراق.

وتستمر الأحداث، وتكثر الانتقادات، ويسكت بعضهم، ويتحرك بعضهم الأخر قبل فوات الأوان، ويطالب آخرون بالحصة مناصب في الدولة وسلطة إصدار القرار ثمنا لإيقاف التداعي وحفاظا على أرواح العراقيين الأبرياء، ويسير معهم أو قريبا منهم الفاسدون الذين يحلون نهب الدولة التي يحكمها منتخبون، وأولئك المنتقدون الذين لا هم لهم سوى الاتهام، والتجريح دون أن يعوا جميعا.

أن تلك الأعمال والنوايا، والأفعال وإن أبطلت المرجعية الدينية، والعقلاء من السياسيين، والعلماء بعض من شحناتها الانفعالية لم تكن سوى فصول خفية لحرب طائفية يخطط لها متخصصون من غير العراقيين وعراقيين من أتباع النظام السابق وأعداء الديمقراطية، أو صفحات من الحرب الطائفية التي يديرها المذكورون بطريقة تجاوزت في كثير من الأحيان إدراك العديد من العراقيين، حتى مهدت بسبب عدم الإدراك هذا إلى أخطر فصولها التي استهدفت صباح يوم 22/2/2006 حرمة الإمامين الطاهرين على الهادي وحسن العسكري، والتي أشرت أن البعض ورغم خطورة الموقف لم يتوقف عن الانتقاد وتوجيه الاتهام، وإن البعض قد خرج مدفوعا بقوى الانفعال إلى الشارع لا هم له سوى الانتقام، وأشرت أيضا أن من فجر المرقدين المقدسين لم يكن بعيدا عن تفجير بعض المساجد لأبناء السنة، وأشرت كذلك إن هذا الفصل من هذه الحرب الدامية إذا لم يستغل السياسيون نتائجه الكارثية باتجاه التطبيق الصحيح للديمقراطية، والتوافق المنطقي، والإصلاح الفوري سوف يجر البلاد إلى فصول أخرى أكثر دموية وأشد انفعالا وبؤسا وخسارة لن يسلم من شظاياها المتناثرة حتى الذين أخذوا من الغرب والبلاد العربية قواعد للإسهام بفصولها المتعددة.