توفرت للسياسيين العراقيين بعد التغيير في 9/4/2003 فرص جيدة للنهوض بالعراق إلى الأمام، وتجاوز أخطاء الماضي في التفرقة، والمحاباة، وإرتكاب الأخطاء في تبديد الثروة، وشن الحروب، وأفتعال الأزمات، لكنهم وبدلا من ذلك وقعوا أو أوقعوا أنفسهم في أكثر من فخ نصبه الأجنبي القادم من بعيد، والجار القريب لتحقيق أهداف ستراتيجية خاصة لا تلتقي أو تتقاطع في معظمها مع أهداف العراق، وسارت عليه الذات المشبعة بإنفعالات الماضي السلبية حتى وجدوا "السياسيون" أنفسهم في يدورون في دوائر مغلقة لا يستطيعون فيها التحرك أو تحريك قضايا مطلوب النجاة من آثارها مثل الطائفية التي ينادي غالبية أعضاء البرلمان على سبيل المثال بضرورة تجاوز آثارها ويتحركون هم أنفسهم للتصويت على القرارات والقوانين المطروحة أمامهم على أسس طائفية، أو يصرخون في معظمهم بوجه الأجنبي الذي أوجد المحاصصة ومعايير الطائفية، وينتقدون مشاريعه بعيدة المدى لتقسيم العراق وتفتيته طائفيا، ومن ثم يتكتلون فيما بينهم ويساومون غيرهم في دوائر الدولة ومؤسسات السياسة على أسس طائفية، وهي ذاتها أي الطائفية التي ينتقد مسئولي الحكومة ورجالها المعايير التي تأسست عليها والنوايا الأجنبية لتعزيز فاعليتها، وبنفس الوقت يفتش العديد منهم في دوائره الأدنى عن الامتدادات المذهبية حاملا ميزانا دقيقا يحسب فيه عدد السنة وكذلك الشيعة والأكراد، دون التطرق إلى التركمان والمسيحين أو الصابئة واليزيديين متجاوزا على الكفاءة معيارا، والاخلاص أساسا في التكليف بعموم المهام التنفيذية لإعادة بناء العراق المحطم، والأدهى من ذلك كله يلجأ البعض منهم إلى إدراج مفاهيمه بالتوازن الطائفي، وتوجيهاته في مجالها بشكل رسمي ومكتوب طالبا من الأدنى التقيد بالمحاصصة (أي التقسيم الطائفي) وهو المنادي بضرورة إلغائها من على منابر السياسة، من هذا يمكن الجزم:

أن اللاعبين الأساسيين في دوائر السياسة العراقية في الوقت الحاضر من مشرعين، ومنفذين  كانوا سببا فيما آلت إليه العملية السياسية من فشل وإعاقة وتدمير.

وإن العراقيين المحيطين بتلك الدوائر والبعيدين عنها شرعوا بمقارنة الحاضر بالماضي، وتمنوا في خضم هذه المقارنة أن تتاح الفرصة قريبا لأختيار ممثلين لهم في البرلمان يضعون مصلحة العراق قبل الطائفة، والقومية، والذات الفردية.

وبالمقابل توفرت فرص قليلة لشباب العراق في أن يمثلونه بملاعب كرة القدم بعد  أختطاف رئيس اللجنة الأولمبية، وتصفية العديد من اللاعبين والإداريين، وتهجير آخرين، والتقتير في تقديم الدعم والتشجيع، ورغم ذلك أثاروا في لعبهم حماس العراقيين، وإحساسهم بالوطنية العراقية في ملاعب آسيا والخليج التي لم تلوثها السياسة، وتحركوا في ساحاتها تحركا أثار إعجاب غير العراقيين من القريبين والبعيدين، على أساسه يمكن الجزم على:

أن تحركهم كان رشيقا، ومتجانسا، وفاعلا لأنه لم يبنى على الطائفية، ولا على التمثيل السياسي والقومي للكتل والأحزاب الفاعلة، إذ وبحكم المنطق، وسيطرة المحترفين على الرياضة أو بسبب ترك السياسيين أمور الرياضة للمحترفين لعدم إهتمامهم بها وضعف تقديراتهم لتأثيراتها المستقبلية لم يستطع أحد أن يفرض على مدير الفريق في أن تكون نسب اللاعبين من الطائفة الفلانية أكثر من الأخرى، ولم يستطتع أحد أن يفرض تمثيلا حتميا لجميع مكونات المجتمع العراقي في فريق مطلوب أن يصفق له الجميع.

وإن الشباب من لاعبي الفريق العراقي الحالي قدموا لبلدهم في جوانب الوطنية، وإثارة مشاعر الوحدة، والأمل في إمكانية العيش  المتآخي يفوق كثيرا ما قدمه السياسيون في ذات المجال.

وإن الرياضة يمكن أن يؤسس عليها العقلاء في هذا البلد قواعد لتخطي الحقد، والتناحر الطائفي بقدر يفوق المراهنة فيه على السياسة التي فشلت في التحرك بدوائر وُضعتْ في محيطها  الكثير من الألغام، والعبوات الناسفة.

د. سعد العبيدي                                   21/1/2007