لم تكن حادثة السطو المسلح على مصرف الرافدين في منطقة الزوية، وغل أستخدام السلاح للقتل العمدي من قبل أشخاص مكلفين رسميا وأخلاقيا بحماية مسؤول رفيع المستوى، هي الحادثة الوحيدة في مسلسل حوادث متتالية، حصلت بعد عام 2003، إذ سبقتها أخرى ذات صلة بأغتيال مبرمج لأشخاص معروفين في مناطق محرم دخولها، إلا للمسئوليين وحماياتهم الخاصة، وخطف مؤدلج لسياسيين معلومين، وأجانب عاملين من أماكن رسمية، لا يدخلها، إلا المخولون من رجال الأمن والحمايات الخاصة، وتسريب أسلحة ومتفجرات إلى أماكن محرمة لا ينفذ إليها، إلا ذوو الشأن وحماياتهم الخاصة، وأخرى كثيرة ملئت الذاكرة العراقية الحديثة بإنفعالات سلبية، وأثارت مئات الأسئلة عن أصول المنفذين، وطبيعة الجرأة التي يمتلكون، وماهية الغطاء الذي عليه يستندون، وشغلت المسؤوليين السياسيين، والأمنيين بهموم التعامل معها ظاهرة أجتماعية أمنية، لا يمكن تصنيفها، إلا بالشائكة، وبالغة التعقيد:
تمتد تبعاتها إلى خيانة الأمانة، وأستغلال الصفة.
وترجع دوافعها إلى خصائص نفسية سلبية، تعززت في نفوس بعض الشباب في ظروف التحول والاضطراب، أبعدتهم عن معنى الآدمية في جوانبها الانسانية.
وتتسع دائرة التعميم في مجالها لتكون مشكلة تمثل:
خلل أمني لسياقات عمل الحمايات الخاصة بالمسؤوليين، تعود أحد أهم أسبابها إلى إيكال مهام أختيار الحماية إلى المسؤولين أنفسهم، وركونهم أي المسؤولين إلى الطائفية والقرابة والمحسوبية في الأختيار بديلا عن التحقيقات الأمنية المسبقة، والمقابلات المهنية التخصصية، والمتابعات السلوكية اللاحقة.
خرق أمني للمسؤولين، ولأستقرار العراق، لأن رجل الأمن الذي يستخدم صفته وموقعه، ويخون الأمانة التي أوكلت إليه، فيقتل أخوة له من العراقيين، ويسرق عدة ملايين من الدولارات، سيكون من السهل عليه أن يبيع المسؤول الذي يحميه بحفنة مماثلة من الدولارات، ويطعن وطنه تجسسا، وتخريبا بأخرى مثلها.
أضطراب قيمي ، لا يتحمل حصوله مسؤول معين في الدولة أو الحكومة، وسوف لن يتحمل تبعاته واحد فقط، لأن الأصل فيه يعود إلى طبيعة النظام الحمايوي الذاتي، الذي وجد بمباركة الجميع، واستفاد من فرصة أستقطاب الأقارب في موضوعه الجميع.
إنها مشكلة، وإن مثلت فيها أحداث الزوية فقاعة كان الرذاذ المتطاير منها قطرات ماء خفيف التأثير، إلا إن حصولها ينذر بأخرى سيكون الرذاذ فيها رصاص لا يتحمل تطايره أي مسؤول..... والحلول الممكنة في حالتها تأتي من خلال إعادة النظر بنظام الحماية، أختيارا، وتكليفا، على وفق ضوابط تضعها الجهات الأمنية والعسكرية الحكومية، لتتحمل هي وحدها تبعات الخروق المحتملة، وليبقى فيها المسؤول بكل المستويات محميا،مصونا، غير مسؤولا عن أخطاء المعية، وإن كانوا من الأقرباء.
2/8/2009