لقد حصل التغيير  في العراق، وغادر البعثيون وصدام السلطة مرغمين بقوة السلاح، وزاد الأمل في أن يتمتع الشعب المنكوب بالحرية المسئولة، ويعيشوا مثل غيرهم من شعوب الأرض الأمن والرفاهية والاستقرار، ومِنوا بذلك من القائمين بالتغيير أمنيات أختير لتحقيقها أو لتحمل مسئولية تحقيقها "مجازا" عراقيون من خلال المشاركة في الحكم بمرحلته الأولى "مجلس الحكم" والثانية "الحكومة المؤقتة". لكن العراق الذي وُضع فيه الوطن والمواطن على حافة بركان لا فائدة في مجاله في الوقت الحاضر على أقل تقدير من مناقشة الطبيعة الأساسية للأمنيات، ولا جدية تحقيقها، لأن جسامة الأحداث وتفاقم الأزمات يحول دون ذلك منطقيا، وبدلا منه ولتجاوز التيه في مسالك الجدل علينا التوجه جميعا لتقييم سلوك بعض اللذين أختيروا لمناصب الحكومة العليا فيما إذا كان مناسبا لتحقيق الأمل في حياة أفضل للعراق. لكن الأختيار الذي تم كبديل عن الانتخاب في ظروف صعبة لا فائدة أيضا من الاعتراض عليه أسلوب في إسناد المنصب وتحديد المسئولية لأنه الأسلوب الوحيد المتاح آنذاك وجميع الفئات والشرائح والأقوام والطوائف تريد تمثيلا في الحكم. هذا وإذا ما كان الاعتراض في الوقت الحاضر لا فائدة منه، وإن أوانه قد فات في الإصلاح فمن حق الشعب والحالة هذه أن يثير موضوعا قوامه أن البعض من أعضاء هذه الحكومة الذين أختيروا لشغل مستويات قيادية يتعاملون في إدارتهم لوزاراتهم أو مؤسساتهم بعيدا عن مبدا تحقيق أو تكوين الأمل كأساس للسير باتجاه الاستقرار، إذ يتوجه قسم منهم على سبيل المثال إلى إختيار غالبية موظفي الدرجة الأولى من بين أبناء مدينته، أو حزبه متجاوزا على حقيقة أن الأمل في في مستقبل أحسن لا يأتي من التركيز على مدينة بعينها أو قومية بحد ذاتها وإن شمر أهلها عن سواعدهم وتطوعوا جميعا من أجل إيقاد شمعة في نهاية النفق المظلم. ويتوجه قسم إلى الانتقاء في تكوين العلاقات العامة فتجد غرفته الفسيحة قد غصت بشيوخ صنفوا من قبل شعبهم أنهم من شيوخ التسعينات، وعندما تمر على هيئاتهم وهم يقدمون الولاء والطاعة ويمنون المسئول بالمشاركة في تكوين المستقبل المشرق لا تجد من بينهم أستاذ جامعة منصف، ولا مهندس مختص، ولا فنان مقتدر، ولا عسكري منضبط، ولا موظف متقاعد، ولا ختيار يشار إليه بالبنان في المحلة والمنطقة، وتوجه من هذا النوع يعد تجاوزا على منطق التطور وعلى حقيقة أن أولئك الشيوخ الذين كونهم صدام سيكونون عائق في تحقيق المستقبل الديمقراطي للعراق. ويتوجه قسم آخر إلى وسائل الإعلام في ذروة أزمة يصرح بطريقة تختلف عن تلك التي أتفق على استخدامها في الحل تجاوزا على منطق الضبط والألتزام وعلى حقيقة أن الأمل شعور يدركه الجمهور من أفواه المسئولين ومن أستعداداتهم للتوحد في الرأي والاتجاه. هذه بعض من التوجهات غير السوية التي يحق للجمهور إثارتها للنقاش أو التنبيه على حصولها كعائق لتحقيق آمالهم في عراق ديمقراطي فيدرالي موحد، ويحق لهم التنويه إلى أن اللجوء إليها من قبل البعض من المسئولين يأتي لحسابات المنفعة الآنية، أو لحسابات تتعلق بالانتخابات المقبلة حيث الاعتقاد بأن كسب المدينة والعشيرة يكفي لكسب أصوات أبناءها بعد عدة شهور، تجاوزا على حقيقة أن الشيخ الذي حضر قد وعد صدام ولم يف، وإن المدينة منقسمة على حالها شيعا واحزابا، وإن الجمهور في العراق عبر تاريخ مسيرته الطويلة لم يتوقف في محطة واحدة، وإن أحد الحلول لتجاوز المحنة الحالية وتقوية موقف الحكومة يتأسس على تعديل وزاري مقبول، وإن الأمل في حياة أفضل يتوقف  على جهود رجال مصلحين من أهل العراق.    

د. سعد العبيدي                                                             3/9/2004