عراقيون يقتلون بعد تعذيب وحشي ورمي عشوائي لجثثهم على أرصفة الشوارع وبعض أعضاء البرلمان العراقي المنتخب في ظروف غير طبيعية يجوبون الدول العربية والعالمية سعيا منهم لتأمين دعم مالي وأسناد طائفي لأشخاصهم وأحزاب يكونوا معها قوة تنافسُ الآخرين في شوارع بغداد المضطربة فيزيدوا بجولاتهم من هول الأزمة.

وعراقيون يخطفون وضح النهار  بالجملة وسط بغداد وفي أكثر مناطقها أزدحاما ورصدا من قبل الشرطة، يَقتلّونَ، ويُقتَلون على الهوية والأسم وبرلمانهم المنتخب عاجز أن يشرع قانونا يلزم الحكومة بتنظيف أجهزتها الأمنية من عصابات تسللت وجماعات تجندت فيسهموا بعجزهم هذا بخطر الكارثة.

وطوائف يتبادل بعض أبنائها الجهلة، والمهووسون، والعملاء المشبوهون تهجير العوائل وإرهاب العلماء والعقلاء قريبا من مقر البرلمان في بغداد وبعض أعضاءه المنتخبون يحرّضونَ على الفتنة الطائفية والانتقام وأخذ الثأر علنا في مؤتمرات خارجية وفضائيات مشبوهة، وفي ندوات واجتماعات داخلية فيصبونَ الزيت على نارها المتقدة.

والديمقراطية التي أوصلتهم أي البرلمانيون إلى مقاعده الفارهة في الزمن الخطأ أوصلوها بأنفسهم إلى أن تكون وسيلة تفتيت وتدمير منظم لهذه البلاد بدلا من أن تكون أداة ترفيه وأسعاد لأبناء الأمة، ومع ذلك يستكثر عديد من الأعضاء حضور جلسات برلمانهم لإرساء قواعد الديمقراطية، والسعي لإنقاذه من الكارثة.

كل ذاك حاصل تحت قبة برلمان يفترض أن يؤسس أعضاءه المنتخبون قواعد صحيحة، ومعايير قيمية مناسبة لحاضر مضطرب، ومستقبل مجهول، وأكثر منه قد حصل بالفعل خلال السنة المنصرمة حول رواتبهم وحماياتهم والمخصصات، والتدافع والتناحر وغيرها معالم سلوك غير توافقي مع الكارثة التي يواجهها العراق قد يكون بعضها مبررا من قبلهم وأحزابهم في إطار التفرغ والحاجة والظروف الأمنية، والرغبة في استثمار الفرص لكن غير المبرر في هذه الأيام الصعبة هو توجه العديد منهم إلى الحج في هذا الموسم وبالمستوى الذي أفقد البرلمان القدرة على التصويت في ظروف تحترق فيها البلاد وينجر فيها الأبناء إلى حافات الهاوية، لأنهم وفي عملهم هذا لايمكنهم الادعاء أمام الخالق وباقي الناس بوجوب الفريضة التي سمح سبحانه بتأجيلها لأسباب تقل في وجوبها عن الحاجة الماسة إلى البرلماني في بغداد ليصوت على قانون يخفف من أزمة، أو يقوّمْ أداء يقلل من محنة أو يقدم مقترح ينقذ روح، أو يعيد عائلة إلى سكنها وهذه جميعا ثوابها يفوق حتما حجة مدفوع ثمنها أو فرصة حج استلبت من عراقي في عمر الشيخوخة ينتظر الغفران.

إن الحج الجماعي لأعضاء البرلمان والبلاد تحترق لايمكن تبريره، ولا يمكن كذلك تفسيره سوى أن هذا العدد الهائل يشعرون بارتكابهم الأثم بحق العراق وتوجههم إليه أي الحج سعي للتكفير...... ومن يشعر بالأثم إلى هذا الحد لا يصلح أن يمثل أبناء بلده في المراقبة والتشريع. أو إنه حج مدفوع الثمن حاول البعض استثمار فرصته تذكرة طائرة بالدرجة الأولى، وسكن بفنادق ممتازة، وطواف بالصفوف الرسمية واستثمار الفرص بهذا القدر لا تقبل فيه الحجة حسب تعاليم الدين الاسلامي، ولا يصلح صاحبها طرفا في حل الأزمات التي تعصف بالبلاد. أو أن هؤلاء البرلمانيون يحسبون فترة الحج أيام ترويح يتخلصوا فيها من ضغوط العيش تحت تهديد الهاونات التي تطال المنطقة الخضراء، أو خطر العبوات الناسفة على حافات طرق التنقل إليها، وإذا ما كان الأمر كذلك فيصح القول أن من لم يتقاسم هموم شعبه، ويعيش خطر أبناء بلده في ظروف أزمته لا يصلح أن يكون طرفا في المساهمة بحلوله، ولا يصلح أن يكون رائدا وإن يمن نفسه بحسن العبادة.                

د. سعد العبيدي                                  22/12/2006