تبين وقائع الأحداث أن الحرب بين الحلفاء من جهة وصدام حسين من جهة أخرى واقعة لا محالة، وتبين نتائج تطوراتها أن نتيجة المعارك العسكرية هذه المرة ستقتصر على أتباع النظام الحاكم الذين يتحملون وحدهم ومن يؤازرهم هول خسارة ستمتد إلى مواقعهم في حكم العراق، وسوف تتوفر لضباط الجيش العراقي فرص مناسبة لأن يعيدوا له الكرامة، والمهنية، والوطنية التي كانت من بين خصائصه قبل حكم صدام لهذه البلاد.  

إن الحرب التي ستدور رحاها قريبا على أرض العراق وضع فيها صدام الجيش العراقي وقواته المسلحة في موقف التدمير المتعمد نتيجة لعدم التوازن مع خصم يتفوق ماديا وتقنيا بعشرات المرات، لكنها ومن ناحية ثانية ستكون مختلفة عن حروبه السابقة لأن الحرب هذه المرة لا يفترض أن تضع ي حساباتها أو أهدافها قتل العسكري العراقي، ولا أسره، ولا يفترض أن يخطط لتدمير البنى التحتية أو هدمها، ولا تجهيل العراق، بل ويفترض اقتصارها على رأس النظام الذي بات شره ممتدا إلى خارج العراق داعما ومنتجا للإرهاب الدولي.

وإذا ما كانت الحرب هكذا ومؤشراتها واضحة، والخسارة فيها محددة، فإن على العسكري في جيشنا الباسل ضابطا كان أو ضابط صف، أن يفكر بعقل حتى لا يجعل نفسه طرفا خاسرا يدفع حياته ثمنا لبقاء الظلم والاستبداد بعد أن أقحمه النظام فيها دون حساب لمستقبل الوطن، ودون احترام لتقاليد العسكرية العراقية، وأن يتذكر كيف أرهقه هذا النظام يوم وضعه بمواجهة إيران في حرب الثماني سنوات، ويوم زجه في الحرب الخليجية الثانية المدمرة.

ويضع نصب عينيه أن صدام وحزب البعث يحشرانه اليوم في حرب لا يمكن المقارنة فيها بين طرفين.

يملك الخصم فيها كل مقومات القوة والتفوق، ولا يملك هو فيها أية وسائل مناسبة للدفاع .

إنها الحرب التي أرادها صدام حسين تثبيتا لحكمه في العراق، وإلى أبناءه من بعده، وأرادها العالم المتحضر وسيلة لمعاقبته على أخطائه وعلى عدم امتثاله إلى القرارات الدولية، وعلى عدم تورعه في دعم وتشجيع الإرهاب. وهي الحرب التي لا خيار فيها للعسكري العراقي إلا أن يقف مع فرصة الخلاص، ويسهم من جانبه في دعم التغيير ويثبت أنه العسكري الوطني الأصيل الذي يخدم وطنه أيام المحنة.

وخير خدمة يقدمها أن يتوقف حال حصول المواجهة عن تنفيذ أوامر الأعلى في إطلاق واستخدام الأسلحة المدمرة، إذ بعمله هذا يجنب جيشه والشعب أي رد باستخدام مثل هذه الأسلحة التدميرية من قبل الخصم، ويجنب نفسه تهمة الإجرام في الحرب والمحاكمة حسب القوانين الدولية، عندها يمكن القول أن من الواجب وقوف عسكرنا وقفة الرجال في الأيام الصعبة لقطع الطريق على صدام وزمرته في أن يدمر شعبه، وقفة أخيرة قبل فوات الأوان . 


لندن: 17/2/2003