نتابع نحن العراقيين مثل غيرنا من العرب مسألة الصراع مع العدو الصهيوني وتطوراته الأخيرة، ونترصد مثلهم قضية فلسطين محور هذا الصراع وما آلت إليه في أيامها الأخيرة، ونتأمل وإياهم في انتكاساتها والعقبات التي وُضعتْ في طريق حلها في العشر سنوات الأخيرة، كنتيجة حتمية لما أصاب الأمة العربية من إحباط ويأس، وما تسبب لقادتها من تقييد للحركة إثر الغزو المأساوي للكويت، إلا إن أمتنا العربية وشعب فلسطين على وجه الخصوص بما يمتلكانه من إيمان راسخ وعقيدة ثابتة كانوا عبر التاريخ وما زالوا حتى وقتنا الراهن قادرين على تجاوز هذه الردة، وقادرين أيضا على تحويلها طاقة للانطلاق والتحرر، وهذا ما أكدته انتفاضة القدس الشريف الحالية التي أنارت طريق شعبنا العربي ثانية في مسعى منها لتجاوز محن وعقبات فرضها الأجنبي أوقات ضعفنا، والتي نأمل أن تلقى وأهدافها السامية من لدن قادة الأمة ملوكا ورؤساء وأمراء كل العون الذي يسهم في خلاصنا من معالم ضعف حال دون تحركنا وتحركهم لعقد من الزمان، وفي وقت بات فيه شعبنا العربي من المحيط إلى الخليج شاخصين بصرهم باتجاه القاهرة، مباركين خطوة أولى بدأت بالموافقة على عقد القمة، رافعين الأيدي إلى الله تعالى في دعوات صادقة لإتمام المسيرة بخطوات لاحقة تدعم الانتفاضة وتعين الحق الفلسطيني، وفي دعواتهم هذه نقف نحن العراقيين في المهجر والداخل معهم صفا واحدا، نعلقُ الآمال على هذه القمة معهم ، نترقب قرارات حاسمة من القادة المشاركين فيها لدعم حلٍ يضمن لأشقائنا الفلسطينيين حقوقهم في دولتهم العربية وعاصمتها القدس الشريف، ويؤمن دعما حقيقيا شاملا لانتفاضتهم التي حررت الشارع العربي من طوق يأسه وإحباطه، ومهدت بدماء شهدائها عقد هذه القمة التي حالت الظروف الدولية الصعبة والملابسات المحلية المعقدة، وآثار غزو الكويت المأساوية دون عقدها لعشر سنوات، خطوةٌ نتوسم فيها أن تكون الأولى لخطوات ثانية وثالثة للتعامل مع باقي الأزمات والمشاكل في محيط هذه الأمة، ومنها الأزمة العراقية التي أرهقت كاهل شعبنا، وأضرت بحضارتنا، وأخرجت عراقنا من كفة التوازن مع عدونا، هذه الأزمة التي بات أطرافها عرب لا يسمحون للعراقي أن يدخل ديارهم، ولا يقبلون للعراقي أن يعمل في دوائرهم ومؤسساتهم، ولا يعينون العراقي للتخلص من ظلمه واضطهاده، ولا يفرقون في نظرتهم بين الظالم والمظلوم، مع علمهم أنها أزمة كان لها الدور الأكبر في انتكاسة الأمة وتعثر حلول القضية الفلسطينية، وإدراكهم إنها أزمة كانت سبب الفرقة والتشتت، وتيقنهم إن بقائها والقائمين عليها سَيبْقيّ البابَ مفتوحا لمزيد من التوتر والتدخل والاستنزاف المستمر لثروات الأمة ومواردها .

إن العراقيين الذين يصطفون مع أشقائهم العرب صفا واحدا لتقدير القادة العرب على عقدهم قمة لنصرة الشعب الفلسطيني يتحسسون مثلهم عمق مأساة هذا الشعب الأبي ويشاطرونه معاناته، ويقفون معه في خندق واحد حتى تحقيق كامل أهدافه في إقامة دولته وعاصمتها القدس، ويأملون مثل باقي العرب أن يعاد الهدوء والاستقرار إلى هذه الأرض الطاهرة بجهود العرب، وأن يعاد العراق دولة ديمقراطية تعددية موحدة بدعم العرب وتعاونهم.  

تحية لكم في مؤتمركم، وتقديرنا لجهودكم، وتمنياتنا في أن تكلل خطواتكم بالنجاح لما فيه خير هذه الأمة العربية وقضيتها المركزية فلسطين.

تحية إكبار وإحلال لأبطال الانتفاضة، ولكل شبابها ويافيعيها الشجعان.

ودعوة من الله سبحانه وتعالى أن يتغمد شهداء فلسطين بفسيح جناته، وأن ينصرهم والعراقيين على القوم الظالمين، إنه نعم المولى ونعم النصير. 


د. سعد العبيدي

الناطق الرسمي