المؤتمر العسكري

لضباط المعارضة العراقية

الواقع، وإمكانيات الإنعقاد  


عـــــــــام

1. يشكل الضباط في المنفى وجودا كميا جيدا حيث المئات موزعين على كافة دول العالم ونوعيا جيدا أيضا حيث الاختصاصات المختلفة والرتب التي تتدرج من فريق أول ركن (رئيس أركان جيش)، ولغاية ملازم (آمر فصيل) داخل في السلم  العسكري، وسياسيا مقبولا حيث الاستعداد المسبق لغالبيتهم في العمل بأي جهد عسكري منظم بالضد من صدام وحكمه التسلطي.

2. والضباط اللذين نشأوا في البيئة العسكرية المنضبطة، تعلموا أساليب خاصة في العمل والتعامل، وفق خطوات محددة وواضحة، ودرجوا على اتخاذ قراراتهم تبعا لتقادير الموقف المعروفة، وهذا أمر ينطبق على سلوكهم في الخدمة وخارجها في الحياة العامة، سياسية كانت أم وظيفية، وحتى اجتماعية في أحيان ليست قليلة.

3. وتبعا لوضع الضباط وخصائص الخدمة العسكرية يعد عقد مؤتمر عسكري يجمع شريحة واسعة منهم أولى خطوات استثمار جهدهم في العمل السياسي المعارض، وسعي جاد من المعارضة العراقية لإستثمار قدراتهم من أجل المساهمة في التغيير عند سنوح الفرصة التي تقتضي متابعتهم وتنظيم إرتباطاتهم وتحديد تخصصاتهم ورصد استعداداتهم في المشاركة وغيرها.

كل هذه عوامل يمكن أن يحققها المؤتمر المقبل، إذا ما تم تنظيم خطواته والاشراف عليها من قبل ذوي العلاقة أنفسهم وبالتنسيق مع الجهات المعنية في بعض أطراف المعارضة العراقية.


الغايـــــــة

4. دراسة واقع عقد مؤتمر للضباط، وتحديد سبل نجاح عقده لتوحيد الجهد العسكري العراقي المتاح، وإعادة تنظيمه بصيغة مجلس عسكري أو أية صيغة أخرى وتحت مظلة المعارضة العراقية يكون من خلالها قادرا على :

أ. تهيئة الضباط للمشاركة في العمل العسكري المعارض.

ب. حشد وتنظيم الجهد العسكري المتاح باتجاه هدف التغيير.


طبيعة الحضور 

5. إن الضباط الذين خدم غالبيتهم في الجيش (العقائدي)، كما هي التسمية التي أوجدها حزب البعث الجناح العراقي" وعززها حكم صدام حسين، واللذين تركوا الخدمة والتحقوا بصفوف المعارضة أو من بقي مستقلا على الحياد لا يختلفون كثيرا عن باقي العراقيين المدنيين الذين عاشوا نفس الفترة وخدموا في دوائر الدولة المُسّيسة من حيث التفتيش عن النتائج المسبقة والأدوار والمصالح الذاتية وإن إختلفت نسبها وتأثيراتها على السلوك من شخص الى آخر حتى أصبحت خصائص شائعة تدفع إلى توقع أن يكون الحضور ضمن التقسيمات الآتية :

أ. ضباط وطنيون مهنيون حضروا بهدف التفتيش عن صيغة عمل عسكري يساهمون فيه من أجل المشاركة الجادة في أية عمليات تستهدف التغيير وهم نسبة ليست قليلة.

ب. ضباط لم يحسموا أمرهم وحضروا لرصد الواقع والقرار على ضوء النتائج التي سيتمخض عنها المؤتمر.

ج. ضباط حضروا وفي داخلهم هامش واسع من الذاتية  والتفتيش عن دور لهم في المقدمة ولديهم الاستعداد للعمل لافشال المؤتمر أو منعه من تحقيق الهدف الذي عقد من أجله إذا لم تتحقق غاياتهم أو الحد المقبول من مصالحهم.

د. قسم من الضباط وجد فرصة في عقد المؤتمر لتسجيل اسمه في الجهد المعارض كإسقاط فرض يمكن الاستفادة منه مستقبلا.

هـ. والقسم الأخير بنسب قليلة وجد المؤتمر مناسبة لمشاهدة بريطانيا حيث يعقد المؤتمر أو زيارة الأقارب والأصدقاء فيها مجانا، وقد لا يدخل مثل هؤلاء حتى جلسات المؤتمر.


تنوع محذور

6. إن تقسيمات الحضور بالصيغة المذكورة لا تخل بالغاية من عقد المؤتمر، لأن الواقع المعارض يؤشر إمكانية تعميم تلك التقسيمات على غالبية المؤتمرات التي تم عقدها بصفة المعارضة ، إلا إنه ومن ناحية أخرى يدفع إلى التفكير المسبق بكافة التفاصيل ذات الصلة بالغاية ومن ثم بذل الجهد المكثف لضبط غالبية المتغيرات التي تؤثر عليها، وعموم النتائج المطلوب تحقيقها من عقد المؤتمر .


الهواجس المصاحبة 

7. لدى الكثير من العراقيين المعارضين خبراتهم الخاصة في المساهمة بالمؤتمرات السياسية والاختصاصية ولهم تجارب في نتائجها غير المشجعة، ولهم تصوراتهم الخاصة عن الأسباب التي تحول دون التحقيق الأمثل للغايات التي تعقد لها المؤتمرات.

وهذه الخبرات والتجارب كونت عند غالبيتهم هواجس وتصورات مسبقة، كانت واضحة في الحوارات التي جرت والمناقشات التي تمت على هامش الاشعار والتوضيح قبل الشروع بتوجيه الدعوة للحضور، خاصة أولئك الضباط المهنيين الجادين للعمل بالضد من صدام حسين، وكانت غالبية تلك الهواجس تتركز بالآتي:

أ. أن المؤتمر يعقد في فترة تعانى فيها المعارضة العراقية ومضلتها المفترضة "المؤتمر الوطني العراقي" من إختلاف بالرؤى وتبادل للإتهامات مع الخارجية الأمريكية، وعقده بهذه الفترة الزمنية ربما يفسر لتلميع صورة المؤتمر وإعادة التوازن لوجوده من خلال مؤتمر للعسكر يعقد لأول مرة .

ب. لا يمكن تتوضح الغاية من انعقاد المؤتمر لجميع الضباط المدعوين لظروف العيش في الشتات ومصاعب الأتصال والتواصل، خاصة وإن مصادرطلب المعلومات لم تكن قادرة على تلبية الحاجة كما يجب. الأمر الذي يثير علامات الاستفهام حول الحاجة لعقد المؤتمر، وحول المعلومات المطلوبة عن الحضور لتجاوز الإختراق وغيرها.    

ج. لم يحصل تبليغ الضباط المدعوين بأجندة محددة لعقد المؤتمر رغم مرور وقت ليس قليل باتجاه موعد عقده، مما يوحي وكأنه مجرد تظاهرة إستعراضية تقوم بها بعض أطراف المعارضة العراقية لأغراضها التعبوية الخاصة.

د. عدم وجود مرجعية عسكرية تدير عملية الإعداد للمؤتمر من ضباط معروفين وبرتب عسكرية متقدمة أبقى الضباط في مجال التحسس التقليدي بين الضابط والقيادة المدنية.

هـ. غياب المرجعية الاعلامية العسكرية للمعارضة، فسح المجال للمعارضة العراقية غير المنسجمة مع جهد عقد المؤتمر، ولجهات أخرى حكومية أن تبدأ عملا منظما لتشويه الغاية المرجوة من المؤتمر وضاعفت عدد الأسئلة في عقول الضباط المدعوين وغير المدعوين، وأوجدت هامش من التردد لدى البعض من الضباط الجيدين والمعروفة أسمائهم على الساحة المعارضة.


العوامل الأساسية لإنجاح عقد المؤتمر 

8. إن التعامل الصحيح والعلمي المتعلق بالجهد المعارض لا يتوقف على الهواجس المذكور بعضها في أعلاه، بل وكذلك على النوايا المبيتة، خاصة وإن المؤمل حضورهم سوف لا يمثلون تيارا واحدا في المعارضة العراقية قادرا بصفته التنظيمية أن يكون موجها لأفعال الحضور، مما يثير توقع بمشاركة البعض وفي عقولهم نوايا قد لا تكون منسجمة وغاية المؤتمر أو غير متوافقة مع الرغبة في تعزيز العمل في الطريق إلى التغيير.

وهذه من بين أهم الأسباب التي تدفع إلى محاولة ضبط العديد من المتغيرات ودراسة الكثير من الاحتمالات التي تحول دون تنفيذ الآخرين لمآربهم المقصودة أو تحد من احتمالات تأثير أخطائهم غير المقصودة ، وهذه يمكن التقليل منها جهد الإمكان من خلال الآتي:

أ. تشكيل لجنة تحضيرية، يتفق على تسميتها لاحقا، تختص بكل ما يتعلق بعقد المؤتمر، وينتهي دورها لحظة الاعلان عن الافتتاح وانتقال المسؤلية الى لجنة ادارة وتنظيم المؤتمر.

ب. تعقد اللجنة اجتماعا فور إقرار صيغة الموافقة لأعضائها الموجودين في بريطانيا، ويمكن استمزاج رأي الاعضاء الموجودين خارجها في حالة وجودهم ضمنها هاتفيا.  

ج . تضع اللجنة في أول إجتماع لها واجبات محددة وسياقات عمل واضحة لديمومة عملها باتجاه إنجاح عقد المؤتمر.

د. تعد اللجنة صيغة دعوة توجه لكافة الضباط اللذين يتفق على دعوتهم حضور المؤتم، على أن تراعى كافة التحديدات الواردة في التسلسل(5)، واستبعاد كافة العناصر المثيرة للجدل والمتوقع قيامها بخلق المشاكل بغية افشال هذا العمل المهم أو تلكل المشكوك بإرتباطها بالمخابرات في بغداد. 

هـ. تعين اللجنة ناطقا رسميا لإدارة العملية الإعلامية والنفسية لما قبل المؤتمر وأثناء إنعقاده، ولما بعده، على أن يعد خطة محددة لعمله والأهداف المطلوبة ويعرضها على أعضاء اللجنة التحضيرية.

و. تشكيل لجنة خاصة بالجوانب الإدارية للمؤتمر، يتفق على تسميتها لاحقا.

ز. تشكيل لجنة لادارة وتنظيم المؤتمر، يتفق على تسميتها وواجباتها لاحقا تقوم بالمهام الآتية:

أولا. تحيد عدد الجلسات وصيغ إنعقادها وتوقيتاتها.

ثانيا. وضع جدول الأعمال وتسمية رؤساء الجلسات ومقرريها.

ثالثا. جمع البحوث والدراسات المنوي مناقشتها في المؤتمر وتوزيع الصالح منها على محاور الجلسات.

رابعا. صياغة مقررات المؤتمر ومتابعة إيصالها إلى الجهات المعارضة المعنية.


سبق النظر

9. إن أكثر الجوانب إثارة للتحسس والهواجس بين المؤتمرين والأكثر احتمالا لإثارة الفرقة والخلافات تلك التي تتعلق بغموض الغاية، وعدم تحديد الخطوات المستقبلية، وصيغ العلاقة بين العسكر والسياسيين، وهذه جميعا يمكن السيطرة عليها بقدر معقول في الحالات التالية:

أ. إقرار صيغة المجلس العسكري أو أية صيغة يتفق عليها تنظيما، ترتبط بالمؤتمر الوطني العراقي بإعتباره المظلة المتفق عليها لتمثيل غالبية المعارضة العراقية قبل عقد المؤتمر، لكي يدفع المؤتمرين باتجاه العمل على تفعيل هذا الجهد العسكري المهني القادر على إستقطاب غالبية الضباط الموجودين على الساحة. والاعلان عن اطاره العام قبل الذهاب إلى المؤتمر.

ب. استحداث تسمية تنسيق عسكري من الآن وتعيين ضابطين لهذا الغرض على أقل تقدير، أحدهما  كمنسق عسكري والآخر معاونا لـه  قادرين على إستقطاب العسكر باتجاه عمل المجلس قبل وأثناء المؤتمر وما بعده، إذ أن مثل هذا الإجراء يعطي مصداقية لنوايا عقد المؤتمر.  

ج. تحديد الغاية من عقد المؤتمر كما ورد في 4 أعلاه وتثبيتها بشكل واضح في الدعوة المقدمة للضباط بوقت كاف قبل مغادرتهم.

ج. تكليف العميد الدكتور سعد العبيدي بإعداد دراسة عن سبل عمل المجلس في الخطوة التي تعقب المؤتمر وتوزيعها مطبوعة على المؤتمرين بعد مناقشتها كورقة من بين الأوراق المطروحة.

د. تحديد صيغة العلاقة والارتباط بشكل واضح ومعلن بين المجلس الذي سيعمل بصيغة هيئة الركن العسكرية الاختصاصية وبين الجهات المعارضة العراقية، على أن لا يتعدى الارتباط  حدود التنسيق .

هـ. استئجار مكتب للمجلس العسكري وتحديد ميزانيته قبل انعقاد المؤتمر، وهذا أمر يعطي تصور ليس فقط عن جدية العمل العسكري، بل وجدية العامل الدولي في التعامل مع الأزمة العراقية الذي يدفع بطبيعته إلى تجميع أكبر عدد ممكن من الضباط والاختصاصيين المهمين لدعم الجهد العسكري الموجه ضد النظام عسكريا ونفسيا. وهذا إجراء عند حصوله يسد الطريق على القوى المضادة لعقد المؤتمر، ويدفع بالعامل الدولي باتجاه تقديم الاسناد المنظم والنزيه.

  

الخاتمـــــة

10.  إن مؤتمر للعسكريين بعدد قد يصل إلى المئة ضابط "تبعا للظروف" من مختلف الرتب والاختصاصات مسألة ليست سهلة، بحاجة إلى أن تبذل جهود حثيثة لإدارته بالشكل الذي يقلل نسب الخسائر والأخطاء جهد الإمكان، وبعكسه ستكون آثارها السلبية أكثر قسوة على الجهد الوطني المعارض، لأن حدوثها سيشكل إحباطا لدى العسكر المطلوب منهم القتال في الميدان ضد صدام حسين العدو غير السهل.

11. كذلك يعد عقد مؤتمر عسكري في ظروف الحرب ضد الإرهاب والتغير الملموس للموقف الدولي من حكومة العراق فرصه للمعارضة العراقية أن تظهر بمظهر القوة والتوحد بالرأي وحسن التدبير، وهذه معالم لا يمكن أن تتحقق مالم يتم التهيؤ المسبق جيدا لعقد المؤتمر، وصياغة وقائعه ونتائجه قبل فترة مناسبة من انعقاده .


                                                                               د. سعد العبيدي

                                                               الناطق الرسمي للإئتلاف الوطني العراقي


لندن: 10 كانون الثاني 2002