بعد أن أعلنت صحف غربية عن وجود معسكرات تدريب لعناصر إرهابية من القاعدة في العراق تسعى المشاركة في تقديم العون العسكري لحكومته، أضطر صدام إلى الكشف عن تلك المعسكرات مبينا أنها فقط لأغراض التدريب التأهيلي لمتطوعين استشهاديين عرب قدموا طلبات للانتماء إلى قوائم الاستشهاد، وما تلك المعسكرات إلا مكانا لتحقيق رغباتهم في الدفاع عن العراق العربي الإسلامي.

إن حكومة العراق التي أصبحت تتعامل مع الموقف السائد بطريقة رد الفعل اليائس، تحاول أن تتجاوز ما يمكن أن يصدر عن مفتشي مجلس الأمن في مثل هكذا حالات كما حصل في موضوع الصواريخ التي أعلنت عنها وبرامج تسلح أخرى يوم استدل المفتشون على وجودها، وهكذا الأمر بالنسبة للإرهابيين التي تأكدت المصادر أن لهم ارتباط مع أجهزة المخابرات العراقية، وإنها تحاول تسخيرهم لعمليات إرهاب محظورة.

ومع ذلك لو أسلمنا بوجود عرب وعراقيين يتدربون في العراق للقيام بعمليات استشهادية ضد قوات الحلفاء التي ستدخل بقصد إطاحة النظام علينا أن نقدر جدواها عملا عسكريا بالمقارنة مع مجريات حرب الخليج الثانية يوم حاول القريبين من صدام إيهامه بأن هناك طيارين انتحاريين، وفيها أندفع قائد القوة الجوية بتسجيل البعض من الشباب أو أرغمهم بشكل غير مباشر على التسجيل ومن ثم وزعهم على بعض قواعد القوة الجوية الرئيسية وعلى أماكن أخرى أعدت لهذا الغرض، وعندما  وقعت الحرب، لم يقلع أحد من أولئك الانتحاريين الذي تمادى قائد القوة الجوية في إقناع صدام بأهليتهم للقيام بمهام مثل التي كان يقوم بها طياري الكيمكاز اليابانيين في الحرب العالمية الثانية.

وانتهت التجربة بفشل لتعود ثانية بصيغة أخرى تتعلق هذه المرة بالإرهابيين الذين فتح لهم صدام أبواب العراق، ليسهموا في تدميره.

إن عمليات قتل النفس من أجل إيذاء الغير، ليست كما يتصورها صدام، فهي أولا بحاجة إلى إيمان بالأهداف التي يقتل المرء نفسه من أجلها، ولا نعتقد أن هناك من يؤمن بأهداف حزب البعث وصدام واستحقاق الموت من أجلها.

وهي بحاجة ثانيا إلى قاعدة شعبية توفر الغطاء الأمني والنفسي للقائم بالعمل، وهذه في العراق سوف لن تكون موجودة في أية منطقة سيدخلها الحلفاء لأن العراقيين فيها سيشعرون فرحة التخلص من الظلم والاستعباد، وسوف لن يسمحون لأحد عربي كان أو غير عربي لأن يخدش أمنهم من أجل أطماع شخصية لا علاقة لها بالعراق.

من هذا تصبح عملية الاستشهاد التي ينوه عنها صدام وأجهزة إعلامه كأحد أسلحته المضافة مجرد خطوة للتخلص من الإحراج الذي يمكن أن يواجهه عند عدم التصريح بها.

ومع ذلك يمكن تنبيه هؤلاء العرب الذين لم يعرفوا صدام ولم يعيشوا شقاء العراقيين أن الفرصة أمامهم مواتية لترك العراق قبل أن يضعهم العراقيون في مصاف العدو ويحسوا فوات الأوان.   

لندن: 11/3/2003