يصادف يوم السادس من كانون الثاني ذكرى تأسيس الجيش العراقي، الذي بدأت أولى تباشير تأسيسه عام 1921 جيشا وطنيا عراقيا، وحددت أدواره بالدفاع عن الأرض والأهل، والكرامة ومستقبل الأبناء، وإستمر كذلك بعيدا عن الإنحياز والتدخل والشبهات حتى عام 1968، عندما نفذ البعث العراقي مؤامرة دولية للإستيلاء على العراق وحرف هذا الجيش الأصيل عن أهدافه ومبادئه وقيمه، بخطوات مدروسة بدأت أولاها بإدخال آلاف الحزبيين المدنين شبه الأميين إلى صفوفه، ومنحهم رتب ضباط ليستبدل الوطنية المعهودة لهذا الجيش العظيم بعقائدية الحزب العنصرية المقيتة، وبمنح ضباط الصف الحزبين رتب ضباط ليحور السياقات العسكرية لهذا الجيش الأصيل إلى ضوابط ومعايير الحزب المشبوهة، وبتأسيس خلايا ومنظمات حزبية من الحزبيين غير الكفوئين داخل القيادات والوحدات والدوائر العسكرية ومنحها كل الصلاحيات والمكرمات لتكون قيادات إنتهازية بديلة عن قيادة الجيش المهنية، وبإعدام قادته المخلصين لعراقيتهم، المدافعين عن عسكريتهم ليأتي بدلا عنهم بأبناء عشيرته والمنطقة، سعيا لتحريف عراقية الجيش بطائفيته الشنيعة.

إن تلك التحولات التي شهدها الجيش العراقي بعد العام 1968 كانت نكسة خطيرة دونت في سجلات تاريخه الناصع، وسحبته بالتدريج إلى أن يكون أداة بيد الغير يحارب إيران حربا غير مبررة مرة ويحارب الكويت حربا غير مفهومة مرة أخرى، ويتحرك لمقاتلة الأكراد وإبادتهم في الشمال تارة، ويتجه لضرب العرب في الجنوب، وهدم قراهم، وتهجير سكانهم، وتجفيف أهوارهم تارة أخرى. حروب، وتوترات، ودمار، وعدم إستقرار، لا معنى لها سوى عمالة صدام وديكتاتوريته، وميله للإنتقام من العراقيين والعرب والمسلين، ولا تفسير لها سوى رغبة في داخله لإذلال الجيش العراقي وتطويعه ليكون منظمة حزبية من منظماته المتعددة، وجهاز أمني من أجهزته المتعددة لحمايته والعائلة، وأداة مرنة بيده الملطخة بالدم يحركها لضرب العراقيين في كل مناطق تواجدهم.

إن الطاغية الذي نصب نفسه قائدا لهذا الجيش، لم تعد نواياه في التخريب مبهمة، ولم تعد خططه في العدوان غير واضحة، بل وعلى العكس من ذلك بات في وقتنا الراهن يعرف غالبية ضباط الجيش دسائسه ضدهم، وإن إندفعوا كثيرا لتنفيذ أوامره. وأصبح معظمهم واعين متابعته لهم في بيوتهم ونواديهم وجلساتهم الخاصة وإن أخلصوا لتوجيهاته. وأدرك العديد منهم عقابه موتا محققا لهم ولعوائلهم وإن تزلفوا له في أعياده ومناسباته الخاصة. وعرف كثير منهم أنهم مجرد أسـلحة بيد غير أمينة يضرب بها الأهل متى أراد. ووعى غالبيتهم في نهاية الأمر إن مأساة شعبهم وجيشهم ستبقى وستتضاعف شدتها ما بقي صدام وحاشيته وحزبه المتهريء في الحكم، وستبقى عيون العراقيين شاخصة نحوهم أملا في إستثمارهم الفرص المواتية للمساعدة في الخلاص وإعادة بناء العراق الديمقراطي الموحد.

إننا في الائتلاف الوطني العراقي نقف مع أخوتنا العراقيين في دعواتهم لصحوة منتسبي جيشنا، ونرفع أيدينا معهم إلى الله العلي القدير في أن ينصرهم على الظالم، وأن يعيد لهم كرامتهم وعزة أنفسهم، وأن يمنحهم البأس والقوة ليزيحوا عن كاهلهم هذه الغمة تمهيدا لإعادة جيشهم إلى وطنيته الحقة، ومعنوياته العالية محاربا قويا في فلسطين، لا مستعرضا في ساحة الإحتفالات لتخويف العراقيين. ومدافعا مقداما عن حدود العراق وأهداف العراق، لا متآمرا على الأخوة والأصدقاء. والله ولي التوفيق.


ولنتآلف جميعا من أجل عراق ديمقراطي موحد                         

                                                                                                                                                               

الناطـــق الرسـمي

6 / 1 / 2001