تتسارع الأحداث داخل العراق وما حوله، ويترقب الجميع عربا ومسلمين شرق الكرة الأرضية وغربها خطوة الحرب القادمة على أرضنا المعطاء.

ففرق التفتيش تجوب أرض العراق سعيا منها لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1441، لا تترك مصنعا إلا وتدخله، ولا تبقي جامعة إلا وتفتشها، ولا حتى الكنائس والجوامع والبيوت... تسأل المدراء والموظفين، وتستجوب العلماء والاختصاصيين، أملا في الحصول على ضالتها من أسلحة الدمار الشامل كما يعتقد بوجودها.

والجيوش من حولنا تزداد أعدادها كل يوم، بل كل ساعة لحشد القوة اللازمة بقصد الهجوم الشامل على العراق.

وفي خضم هذه الأحداث الجسام يظهر لنا السيد طارق عزيز نائب رئيس الوزراء المسئول المباشر عن السياسة، والعلاقات الخارجية من على شاشات التلفزيون وأجهزة الراديو، يتحدث بلغة التحدي والوعيد، وبنفس الصيغ، والنبرات التي تعودها قبل أحداث 1991 وبعدها.

وكأن التاريخ بالنسبة له قد توقف تماما.

أو إنه يعاني الإرهاق الشديد حدا لم يعد فيه قادرا على التذكر، والتفكير.

لأنه لو فعل هذا لأدرك ببساطة أن ميزان القوى بين العراق، والأمريكان قد تغيرت مستوياته عام 2003 عما كانت عليه قبل إثنتي عشر عاما يوم كان العراق يملك من القوات أكثر من خمس وستين فرقة عسكرية، وأكثر من خمسة آلاف دبابة، وقوة جوية تزيد طائراتها عن ستمائة طائرة، ومئات الصواريخ، وأسلحة ردع استراتيجية.

بينما تقلصت معظمها في الوقت الحاضر أو تلاشت بعض قدراتها الدفاعية والهجومية إثر الحصار.

إن الغريب في سلوك السيد طارق عزيز تلك المكابرة التي لا يصح توقيتها، ولا يصح التأسيس عليها في المناورة السياسية التي يحتاجها العراق في الظروف الصعبة التي يواجها في وقتنا الراهن وهو الواقف منفردا أمام غالبية الدول، وأكثرها قدرة وبأسا.

نحن هنا نسأل السيد طارق عزيز عضو القيادتين القومية والقطرية:

لماذا السير بنفس الطريق وعلى ذات الخطى التي تم السير عليها سابقا، وقد أثبتت التجارب خطئها؟

ولماذا ترتكب الأخطاء بحق نفسك والعراق، وتصر على صحتها وأنت الذي تؤكد للقريبين منك عدم جدواها ؟

الا يمكن أن نكون صريحين مع أنفسنا، ومع شعبنا في محنته، ونتكلم الحقيقة دون وجل؟

لأن الحقيقة ستظهر يوما، وسيعلم الشعب أن بعض قادته كانوا يوهمونه أو يضللونه في أحرج الأوقات.

ألا يمكن أن تبادر بتبني أسلوب المصارحة، وتناقش طبيعة المأزق الذي نمر به جميعا قبل فوات الأوان .      


لندن: 4/2/2003