المنهاج السياسي للتجمع العراقي الموحد

 

طرابلس : 21/3/1998

تـقـــديـــم

يمر العراق منذ سنة 1958 بشكل عام وبعد 1968 على وجه الخصوص بظروف خاصة وضعته طرفا في أزمات متكررة أرهقت الشعب العراقي وكلفته الكثير من الخسائر المادية والبشرية ودمرت بناه التحتية وأعادته إلى الماضي حضاريا ولعشرات السنين، وبات أخيرا في وضع فريد على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تختلف طبيعته عن باقي المجتمعات في دول العالم الأخرى وعن المجتمع العراقي نفسه عبر كل العصور السالفة ولمستوى أحس فيه العراقيون أن كارثة قد أحلت بهم وأن حكومتهم الحالية هي المسؤولة عنها بطريقة لا يحتاج إثباتها  إلى شواهد أكثر وضوحا من حربها مع إيران وغزوها الكويت وقبولها الحصار عقوبة لعدم الانسحاب من أرضه واسلوبها القمعي في التعامل مع الإنسان العراقي.

هذه شواهد مع غيرها دمرت النظام القيمي الاجتماعي وحطمت الروح الوطنية العراقية وأخلت برؤية الإنسان العراقي لأولوياته في الحياة وأبعدته في أن يكون فاعلا  في تحديد مصيره. لأنه وبعد أن غرق في هموم العيش نسي من كان سببا في همومه هذه، وبعـد أن قلق من احتمالات الغد تجاوز التفكير بمصير شعبه الذي بات معلقا بين قيادة تسعى للبقاء بأي ثمن ودول عظمى تفتش عن المصالح مهما كانت الخسائر، وبعد أن تخلف عن الركب تناسى دوره في العودة إلى مكانه السابق، فبقي كما هو مشلول القدرات وبقيت حكومته على نهجها السابق تتحرك بدوافع التسلط والانتقام والجهل وسوء التقدير مستفيـدة من معالم التمزق والتطرف والتخلف واضطراب الاقتصاد والتخبط السياسي عربيا وإقليميا ودوليا، وكذلك من قلق الخليج الدائم إزاء استفزازاتها غير المتزنة.

ان هذه الظروف المحلية والعربية والإقليمية والدولية المعقدة التي استفادت منها القيادة العراقية الحالية كما أسلفنا أضرت من جانب آخر بقوى المعارضة العراقية المطلوب تحركها موحدة مع تشتت العراقيين وتفرقهم على أرجاء المعمورة، وحاجتها إلى الدعم المالي مع تدهـور حالتها الاقتصادية وعجز العرب ماديا، ورغبتها بالاستقلال مع عدم تمكن أفرادها وقادتها على التحرك إلا في ارض الدول صاحبة النفوذ وبموافقتها. فاتهمت زورا بكثرة فصائلها ووسمت جهلا  بالقصور في إمكاناتها على مستوى الداخل ونعتت ظلما بالعمالة لمن يستطيع معاونتها من الخارج.

وهكذا ظروف وتعقيدات دفعت البعض من المثقفين والأكاديميين والكتاب والأدباء والباحثين والخريجين العراقيين عربا وأكرادا مسلمين ومسيحيين وغيرهم من الواعين بطبيعة المشكلة العراقية وملابساتها إلى النظر إليها من الزاوية الفكرية واتفقوا على توحيد جهودهم المتواضعة داخليا وخارجيا في إطار منظم (التجمع العراقي الموحد) بصيغة لا تؤشر فصيلا  معارضا يضاف إلى الكثرة العددية فتزيد من شدة اتهامها بالتشرذم ولا جهدا منفردا يرهق قادتها وهم يحاولون توحيد الجهود في الطريق إلى الحصول على القوة اللازمة لفعلهم الموجه ضد النظام بل هي رغبة منهم في تقديم إضافة لكل ما هو موجود ومن وجهة نظر علمية اختصاصية للتعامل مع المشكلة وتفرعاتها المتعددة بروح التعاون مع جميع التنظيمات والشخصيات العراقية الساعية إلى إعادة بناء العراق الديمقراطي الموحد. 

وعلى ضوئها حددوا برنامجهم السياسي بمحاور تجمعهم القناعة بها في المرحلة الحالية وتوحدهم صيغ الدفاع عن تطبيقاتها في المرحلة التي ستأتي بعد التغيير وبصيغ تفسح المجال للتعاون والتعامل مع كل جهد يسعى لعودة العراق إلى مكانته المناسبة عربيا ودوليا ويهيئ لمواطنيه مستلزمات العيش الآمن وعلى المستويين الداخلي والخارجي.


المستوى الداخلـــي  

بدأت مؤشرات اضطراب الوضع الداخلي خلال الحرب مع إيران وكذلك بعد غزو الكويت وديمومة الحصار واستمرت كذلك كارثة لم تستطع الدولة العراقية بقيادتها الحالية التعامل معها بشكل قابل للتخفيف من آثارها على حاضر الإنسان العراقي ومستقبله بل زادتها تعقيدا بممارساتها المخطوءة وأساليبها القسرية التسلطية في التطبيق، وأصبحت بسببها حالة العراقيين لا تشبه من حيث السوء أية مجتمعات أخرى بعد تعميم الفقر على غالبية العراقيين إلا من كان قريبا إلى القيادة أو عاملا على استمرار بقائها وتردي الوضع الصحي والإحساس بالتوتر والقلق والخوف وانخفاض مستوى التحصيل وتخريب النفوس والإحساس بالطائفية وغيرها ثوابت لا يمكن إصلاحها بالبقاء على نفس الصيغ ولذات الوجوه التي أخذت من الفرص أكثر من حقها في التجريب وتسببت في كوارث ومآس تفوق ما سببته كل أنظمة الحكم  العراقية عبر التاريخ.

ومن هنا يرى التجمع العراقي الموحد أن التغيير على المستوى الداخلي لكل جوانب الحياة العراقية وأساليب إدارتها ينبغي أن يكون الخطوة الأولى في أي برنامج يهدف إلى إعادة  بناء العراق مع الأخذ بالاعتبار ظروفه الخاصة وما وصل إليه عالم اليوم من تطبيقات جعلت الإنسان يحس بمستوى مقبول من الرضا وقدر معقول من الشعور بالأمان، وهي معطيات يصعـب الوصول إليها في بيئة العراق إلا من خلال التطبيق الجاد للجوانب الآتية:

1. الديمقراطية

للعراق ظروفه الإقليمية المعقدة و تركيبته الاجتماعية المتباينة قوميا ودينيا ومذهبيا واتجاهات إدارته المستبدة وطبيعة الأحداث المدمرة التي مرت به في فترات قصيرة ومتتالية نسبيا كونت جميعها وضعا قلقا أو غير طبيعيا بالمعايير السياسية والاجتماعية فدفعت العديد من العراقيين مثلا  للعودة إلى العشيرة ملاذا آمنا والى الطائفة شعورا بالانتماء والى الفردية والأنانية تعويضا للعزلة والانطواء والى النقد والتجريح والقسوة على الغير ترويحا لانفعالات الغضب وشدة الإحباط والى الاستعلاء توحدا مع السلطة وطريقتها في الإذلال والى الشعور بالدونية تخلصا من الإحساس بالخواء …الخ من التناقضات التي لم تؤد إلى تدمير ذاتية الإنسان العراقي أو تدفعه إلى عدم الرضا عن مفردات الحياة فحسب بل وتستثيره للمطالبة بأكثر من الاستحقاق عندما تضعف الضوابط الاجتماعية خلال تلمسه ضعف القيادة الحالية أو بعد تأكده من تغييرها، عندها:

ستنطلق العشيرة مطالبة بدور فاعل  في الوضع الجديد ثمنا لمعاناة أبنائها.

وستتحرر الطائفة من قيود فرضت عليها عشرات السنين ساعية لتعويض أفرادها ظلم تصنيفهم مواطنين من الدرجة الثانية.

وسوف لا تنسى الأحزاب السياسية التقليدية تضحياتها والشخصيات الثورية مجازفتها وتتجاوز حصتها في الانتقام وتوزيع الغنائم.

وسنعود إلى نقطة الصفر فوضى وصراع  واقتتال قد نترحم خلالها على الماضي كما حصل لنا أكثر من مرة في الأربعين سنة الأخيرة.

وهذه صورة رغم عتمتها يمكن أن تحدث على أرض الواقع والتخلص من احتمالاتها لا يمكن أن يتم إلا من خلال التطبيق الصحيح للديمقراطية اسلوبا يحصل  فيه الجميع على حقوقهم ويعبر فيه الكل عن رغباتهم ويساهم في إطاره المعنيون باتخاذ القرار على ضوء تمثيلهم ويعرف فيه العموم حقوقهم ويدركون واجباتهم ويشعرون أنهم جزء من نظام يشاركون فيه ويتحملون تبعاته، بذلك يتقلص هامش الرغبة الذاتية والنظرة الطائفية والعنصرية ويتوقف الفعل العدواني غير المسيطر عليه.

2 .  القضية الكردية 

عاش العراق تداعيات المشكلة الكردية أكثر من نصف قرن متواصل بسبب خطأ التعامل مع أسباب حدوثها ونتائج تطوراتها فبقيت مجالا لاستنزاف الدولة وعاملا لتدمير المواطن العراقي الكردي وفعلا مقلقا لباقي العراقيين. واستمرت كذلك معضلة داخلية بأبعاد إقليمية يتدخل فيها الغير تبعا لمصالحه من جانب وعلاقته مع حكومة العراق المركزية من جانب آخر وتزايد التعقيد فيها بعد حرب الخليج الثانية التي دولت فيها لتكون ورقة ضغط لا تقوى الحكومة المركزية الحالية أو التي ستأتي لا حقا على تجاوز حقائقها وكذلك لا يقوى الأكراد أنفسهم على التحرك فيها بالحرية اللازمة لتحقيق جميع طموحاتهم.

لكن النظرة إلى هذه المشكلة المستعصية من هذه الزاوية السياسية فقـط نظرة قاصرة لأن فيها من العوامل الإنسانية والاجتماعية والدينية ما يدفع إلى التوسع في جوانبها بكل الاتجاهات التي تساعد على التفكير المنطقي في التعامل معها. فالأكراد على سبيل المثال قومية لها مقوماتها المعروفة وهم مجتمع متجانس لغويا ودينيا وعرقيا وفيه من الأعراف والتقاليد والقيم التي ساهمت باستمرار بقائه آلاف السنين، وبمقتضاها يستحق مثل غيره من المجتمعات التمتع بالحقوق اللازمة لإدارة شؤون مواطنيه بعيدا عن النظرة القومية العنصرية والتوجهات الإقليمية الضيقة.

وبذا تصبح الفيدرالية ضمن العراق الموحد سياسيا واقتصاديا وعسكريا النظام الأكثر ملائمة لحل هذه المشكلة حلا يعيد للأكراد ثقتهم بعراقيتهم ويجنبهم آلام القتال ويضمن لعراق المستقبل استقرارا معقولا.

3. حرية الرأي والتعبير 

تأسست الدولة العراقية عام 1921 وحاولت  بقدراتها المحدودة وظروف وجودها البسيطة آنذاك أن تعطي قليلا من الحرية وقدرا بسيطا من المرونة في حق التعبير قد تكونا ورغم بساطتهما ملائمة لظروف تأسيسها ومستوى نضج العراقيين سياسيا في استيعابها، واستمرت كذلك حتى بدأ النظام الجمهوري عام 1958 الذي كبلت فيه الحريات تحت ضرورات العمل الثوري وسلب حق التعبير تحت مبادئ المصلحة العامة ومعاداة الاستعمار وغيرها من شعارات عززت في نهاية المطاف من سلطة الحاكم الفرد وزادت من نفوذ عائلته وعشيرته ودفعت بالعديد من العراقيين إلى كبت مشاعرهم وعدم البوح بآرائهم فأحسوا الظلم والقهر والاستعباد في داخلهم وبدلا من توجيهها أفعالا ضد الحاكم الذي تسبب بوجودها، عاشوها احباطات  متكررة تحولت بسببها كل مكبوتاتهم إلى لوم للذات وانطواء على النفس ويأس مهلك وتوجهات طائفية وممارسات عنصرية لا يعي الكثير تأثيراتها السلبية على حياتهم الحالية ومستقبل أبنائهم لاحقا، ومهدت من سعة انتشارها إلى طرح أفكار خطرة الى حد المطالبة بالثأر والانتقام والتقسيم بنظرة ضيقة الأفق سياسيا واجتماعيا ودينيا، من هنا يصبح الدفاع عن وحدة العراق واستقرار أبنائه يتأتى من خلال:

السماح بالتعبير عن الرأي دون قيود.

ممارسة الطقوس الدينية بلا تمييز. 

الاطلاع على الفكر العالمي بلا حدود. 

الانتماء السياسي دون مساءلة أو حساب.

وهذه اتجاهات لا يؤدي السمـاح بها إلى تقليل الإرث التراكمي الهائل لمشاكل الإدارة الحالية فقط بل وستكفل للعراقيين العيش باتزان يؤهلهم معرفة حقوقهم الإنسانية وواجباتهم الوطنية اللازمة لإعادة بناء العراق المستقبلي، حق لكل العراقيين دون تمييز بالدين أو المذهب أو القومية، حق لا ينبغي التنازل عنه تحت أي ظرف من الظروف، يكفل لهم تنظيم وجودهم في مجتمع تقدس فيه العقيدة السماوية وتحترم الممارسة الديمقراطية التي تترك للجميع حق اختيار ما يريدونه وحق التعبير عن هذا الاختيار.

4. التعددية السياسية 

جاء حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة بأفكار بينها الحرية والعدالة والمساواة وغيرها أهدافا لم يشهد أي من جوانبها تطبيق فعلي في الثلاثين سنة الماضية رغم محاولاته ذلك في بداية السبعينـات من خلال الحوارات التي أقامها مع الأحزاب الموجودة على الساحـة العراقيـة آنذاك والتي أفضت في نهاية الأمر إلى إقامة الجبهة الوطنية والقوميـة التقدميـة، المشروع الذي لم يكتب له البقاء إلا هيكلا على الورق حتى عام 1979 الذي شهد تحولا في توجهات الحزب وتطبيقاته باتجاه الديكتاتورية والسيطرة المطلقة للحزب الواحد، على العكس من معظم المجتمعات البشرية التي سعت في المائة سنة الأخيرة إلى تنظيم علاقة مواطنيها أفرادا وجماعات بإدارة الدولة والمجتمع ومؤسساتهما المختلفة ونظمت مستويات مشاركتهما في الحكم وصنع القرار السياسي على وجه  الخصـوص تبعـا لتمثيلهـا في المجالس النيابيـة، حتى أصبـح بالنسبـة لها اسلوب التعددية هذا منهجا عصريا ملائما لحاجات الإنسان ورغبـاته ومنحى فكريا تجاوز أو اجتاز مرحلة التوجس لكثير من تلك المجتمعات بعد فشل الأساليب المناقضة للتعددية مثل دكتاتورية الطبقة العاملة عند الشيوعيين والمركزية الديمقراطية عند البعثيين.

هذا وإذا ما دققنا قليلا بما يجري في عراق اليوم وأزماته السياسية في الثلاثين سنة الأخيرة واضطرابات تعامله معها على المستويين الداخلي والخارجي نرى وبما لا يقبل الشك أن جميعها قد جاء بسبب غياب التعددية وطبيعة الإدارة الفردية وأخطائها المتكررة ونتوصل إلى قناعة أن تجاوز الكثير من آثارها وكذلك تجنب الوقوع بما يشبهها مستقبلا يأتي من خلال التأكيد على التعددية السياسية موضوعا فكريا حيويا ينبغي أخذه بالاعتبار والمناداة به جهارا بين الجموع بغية إنضاج القاعدة الشعبية وتهيئتها لتطبيقه منهجا فاعلا لنظام حكم ديمقراطي مناسب لإعادة  بناء العراق بعد تخريب طال أمده.

5. ملأ الفراغ السياسي  

يعيش العراق حالة فريدة من حيث الضغوط المسلطة على عموم أبنائه كما ونوعا، فالداخلية منها سيفا على الرقاب وخوفا في النفوس حد الرعب وجوع  لمستوى الإعياء.

والخارجية منها تهديدا مستمرا وتدميرا للبنى التحتية وعزلة دولية وميل للتجويع والإذلال والطعن في إنسانية الإنسان. 

ففقد الغالبية توازنهم وأحس الكثيرون الحيف والبؤس والتوجس من غد مجهـول، فعاشوا حـالـة كبت مؤلمة ومشاعر عدوان مبيتة، مرهون خروجها بمتغيرات يتعلق كثير منها بوجود القيادة الحالية التي سعت عمدا خلال فترة حكمها طويلة الأمد إلى إبقاء مسافة بعيدة نسبيا بين رئيسها وأقرب المسؤولين إليه، لا يمكن إملائها في حالة غيابه المفاجئ  ولأي سبب كان.

وان مثل هذا الغياب وفي ظروف العراق المحلية المذكورة في (1) أعلاه والإقليمية غير المستقرة والدولية المعقـدة  كفيل بالإخراج السريع لكل مشاعر العدوان المكبوتة وباتجاهات مختلفـة غير مسيطر عليها وبالتالي ستكون الخسائر كبيرة والحاكم الجديد فردا كان أو مؤسسة في صراع بين اللجوء إلى استخدام القوة فيتهم كونه امتدادا للنظام الذي سبقه وبين التهاون أو المرونة بالعقاب، وقد يهدد الضعف بتقسيم العراق. وهو أي الغياب يعتبر فراغا في السلطة ( سياســيا ) سـيؤدي إلـى عــدم ضمـان شكـل نظــام الحكم بالإضــافـــة إلى مـرور العـراق في سـلـسـلـة من الكوارث المتعاقبة.

إن الفراغ السياسي أمر حدث في البيئات التي تشابهت وظروف العـراق واحتمال حدوثه هنا بنسب ليست قليلة اذا ما بقيت الأمور على ما هي عليه   حاليا واذا لم يتم التحسب لحدوثه من الآن. الأمر الذي يدفع إلى ضرورة بقائه موضوعا نصب الأعين لكل القوى الساعية إلى التغيير نحو الأحسن من خلال العمل باتجاهين:

يتمثل الأول بمنع حدوثه جهد الإمكان وذلك باتفاق كل القوى العاملة على الساحة العراقية لإيجاد الرمز البديل لشخص الرئيس والفكر الملائم  للمرحلة الحالية والمستقبلية.

والثاني بكيفية التقليل من أثر الحدوث ( عند حصوله بقوة فعل التغيير ومؤثرات الداخل والخارج غير المسيطر عليها) من خلال العمل على توحيد القوى الساعية للتغيير والاتفاق المسبق على النهج السياسي لنظام الحكم القادم.

6.  حقوق الإنسان العراقي 

لم تكن أعمال القيادة العراقية الحالية بحاجة إلى إثبات تدميرها إنسانية العراقيين وتقييد حرياتهم بعد أن أعدمت الكثير منهم لمجرد الانتقاد، وفرقت بينهم في الحقوق والواجبات على أساس القومية والدين والمذهب، ودفعت غالبيتهم إلى الموت في حروب أهدافها تتعلق بالتعالي والتوسع والبقاء، وهجرت البعض من قراهم ومدنهم بدوافع العنصرية، وسفرت آخرين إلى دول الجوار بسبب الطائفية واستخدمت أسلحتها الكيماوية ضد مواطنيها بحجة الدفاع عنهم  ودخلت بدباباتها الأماكن المقدسة تحت ذرائع القضاء على التدخل الأجنبي، وتمادت كثيرا لتغيير معالم الطبيعة في الهور والجبل لإقامة الدفاعات المناسبة، وقيدت المواطن العراقي في الاستماع إلى الإعلام الخارجي أو الاطلاع على النشريات المتداولة إلا ما يتفق وتوجهاتها، ومنعت السفر إلى الخارج لمعظم سني حكمها لضرورات الأمن والترشيد، وحرمت وجود الأحزاب السياسية إلا ما يتماشى وخططها في تسيير المجتمع، ووضعت من أمنها أفرادا في كل زاوية من زوايا التجمعات السكانية مسجدا  كان أو مدرسة أو جامعة أو مصنعا لتكميم الأفواه وزرع الخوف بين النفوس، وتجسست على كل العراقيين العسكريين والمدنيين الذين يحتلون مناصب في دولتها لحمايتهم من الخروقات الأجنبية كما تدعي.

فبات الجميع  قلقين مرعوبين كل اليوم بسبب عدم اطمئنانهم للقيادة التي وضعت نفسها حاكما وحكما على سلوكهم ومقدراتهم وسخرت لتنفيذ أحكامها الجائرة أجهزة أمنية تجاوزت أعدادها إمكانات العراق البشرية والمادية والتقنية.

إنها شواهد وأخرى غيرها لم تضر بالفرد العراقي وحقوقه الإنسانية فحسب بل وجعلته في التسلسل الأخير من قائمة المضطهدين في العالم.

الأمر الذي يدفــــع إلى وضـع حقـوقـه كانسـان أعلى قـائمــة الطلبات الشرعية لكل العراقيين حاليا ومستقبلا.

7. رفع الحصار وإزالة آثاره 

الحصــــار عقوبة دولية فرضت على الشعب العراقي اثر تنفيذ قيادته قرار غزو الكويت عام 1990 واستمر كذلك بعد إصرارها على عدم الانسحاب من أرضه. وهو أي الحصار قرار أعد  بطرقة يؤدي أهدافا لا تؤثر على العراق فحسب بل وعلى الآخرين في المستوين الإقليمي (العربي) والدولي، وبات رفعه أمرا لا يتعلق بتنفيذ العراق ما مطلوب منه كطرف خسر الحرب فحسب بل وبمقدار تأمينه مصالح الدول الكبرى التي وضعت فقراته بدقة متناهية. وهذه معادلة دفع العراق والعراقيين وسيدفعون ثمنا باهظا لاكتمال جوانبها في المجالات كافة.

ففي المجال السياسي مثلا عزل العراق عن العالم لثمان سنوات أعادته إلى الخلف عشرات السنين وصودر قراره وانتقصت سيادته بانتهاك حرمة أجوائه وتدخل الآخرين بشؤونه الداخلية واجتياح القوات الأجنبية لأراضيه أكثر من مرة  وتجول الأجنبي في دوائره ومؤسساته العسكرية والأمنية دون رقيب.

وفي الجانب الاقتصادي تدنت مستويات المعيشة لعموم العراقيين دون مستوى الفقر بعد أن هبط  متوسط دخل الفرد من حوالي 500 $ شهريا إلى أقل من 4 $ شهريا واختل التوازن الطبقي الذي غابت فيه الطبقة الوسطى واتسعت الفقيرة وظهرت أخرى غنية مــن العائلة الحاكمـــــــة وأقربـــاء الرئيس وكبـار المسؤولين في الحزب والدولة.

أما في الجانب الاجتماعي فان تأثير الحصار لا يقل تدميرا عن الجوانب المذكورة بعد أن تسبب في غياب قيم مثل التكافل والتواد والتضحية وتحمل المسؤولية وغيرها التي تشعر الإنسان بالاتزان والرضى عن حياته وإحلال أخرى بدلا عنها مثل الفردية والأنانية والمادية والمحاباة والانتهازية وغيرها التي دمرت عراقية الإنسان وأخلت بروحه الوطنية.

ومثل هذه الآثار السلبية للحصار التي تعد كارثة على العراق تدفع إلى  التأكيد على السعي الجاد لرفعه بأسرع ما يمكن من خلال الاعتراف التام بالأخطاء التي تسببت في وجوده والالتزام بالاتفاقات والمواثيق الدولية ذات الصلة به والتصرف بطريقة مرنة لا يجد فيها صاحب النفوذ  ما يبرر قيامه بتمديده أو استخدام القوة التدميرية لتطبيقه والتي تضيف بمحصلتها خسائر أخرى ترهق العراقيين وتدفع بالعراق إلى الهاوية.     

 

السياسة الخارجية 

يحتل العراق موقعا جغرافيا متميزا شمال الخليج وشرق الوطن العربي وتحيط به إقليميا دول ذات أبعاد مهمة مثل إيران ونظامها الإسلامي وتركيا الركن الشرقي لحلف الناتو ودول خليجية غنية بمواردها النفطية وسوريا التي لم تحسم موقفها من السلام مع إسرائيل بالإضافة إلى احتياطيه من النفط  ومواقفه من الصراع العربي الإسرائيلي وغيرها عوامل جعلته في دائرة الاهتمام الدولي  الذي يحتم النظر إلى مفردات التعامل مع ظروفه برؤية أكثر نضجا وواقعية وقدرة على تجنيب شعبه الآثار المحتملة لتحرك الدول الكبرى في المنطقة وتضارب المصالح فيها.

وفي مجالها يرى التجمع العراقي الموحد ضرورة أن يعيد العراق  والعراقيون حساباتهم فيما يتعلق بالسياسة الخارجية إقليميا ودوليا وعلى وفق مصالحهم ومصالح الآخرين وبتوازن معقول بعيدا عن النظرة المتعالية أو الرغبة بالاستفزاز والعدوانية وسوء التقدير التي وسمت السياسة العراقية  فترة ليست قصيرة وان تكون لها ثوابت يعمل على أساسها الحاكم وتتصرف بموجبها الحكومة أهمها:

 1. علاقات الجوار 

سادت علاقات العراق بجيرانه العرب والمسلمين توترات وأزمات مع وجود حزب البعث العربي الاشتراكي وقيادته الحالية أعلى السلطة وبسببها:

دخل العراق حرب غير مبررة مع إيران جارته الشرقية.

واجتاح الكويت جارته الجنوبية.

ودخلت قواته الأراضي السعودية إبان حرب الخليج الثانية.  

ولم يكتف بنكث العهد مع أشقائه السوريين بل تآمر عليهم نهاية السبعينات.

وغض الطرف عن اجتياح الأتراك لشماله الكردي رغم معرفته الجيدة بأطماعهم المستمرة  بولاية الموصل.

وأبقى علاقته مع الأردن قلقة متوقفة على مصالح آنية قصيرة النظر.

واستمرت قيادته بأساليبها هذه متخبطة بين الرغبة بالتوسع تارة والانتقام تارة أخرى حتى حرب الخليج الثانية التي وجد فيها العراق وبسبب علاقات الجوار غير المستقرة في طوق عزز الحصار من فاعليته على الخنق والتدمير بعد أن وضعت الجيران في مواقف الحيرة أو الصراع بين الرغبة في تقديم العون للشعب العراقي من جهة وعدم الرغبة في التعامل معها خشية إعادة قدرتها على التهديد من جهة أخرى. وبفعلتها هذه خسرت الكثير من فرص تدخل الجار العربي والآخر المسلم للدعم والمساعدة في أشد الظروف قسوة.

من هذا يرى التجمع العراقي الموحد إن أولى الخطوات لإزالة الآثار السلبية لسياسة البعث الخارجية تبدأ بإصلاح العلاقة مع جيران العراق وإعادة بنائها مجددا على وفق:

المصالح المشتركة لكافة الأطراف.

مقتضيات وقيم حسن الجوار.

عدم التدخل في الشؤون الداخلية.

العمل على أن يكون العراق عامل استقرار للجميع.

الابتعاد تماما عن العمل بعقلية التآمر والتفجير والاغتيال الذي جلب الكثير من الويلات للشعب العراقي والشعوب الجارة الأخرى.

علما أن استقرار العراق لا  يأتي إلا من خلال العمـل على إنهـاء المشاكل القائمة مع الجيران سواء ما تبقى منها مع إيران أو تلك القائمـة مع الكـويت والتعاون معهما على محو الآثار الجانبية للحرب التي وقعت معهما، وكذلك  من السعـي الجـاد لا يجـاد قواسم مشتركة بين الشعب العراقي وشعوب المنطقة عربا كانوا أو مسلمين.

2. العلاقات العربية 

العراق دولة عربية ومصالحه التعبوية والسوقية مرتبطة بالعرب وكثير من مشاكله ذات صله بتوازن العرب والآخرين في المنطقة، هذا من جهة ومن جهة أخرى فان العالم وعلى نفس معايير التوازن يتعامل معه كجزء من الكتلة العربية التي تحتل حيزا في الساحة الدولية نتلمس آثاره على المستويين السياسي والاقتصادي. واذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الاتجاه العالمي صوب الدمج والتكتل والتحالف في النظام الدولي الجديد نصل إلى الاقتناع بأن وجود العراق المتماسك عنصرا فاعلا في قوة العرب يشكل مصلحة لشعبنا العراقي في نواح عدة منها:

الحصول على فرصة لدعم توازنه الهش مع الآخرين من غير العرب.

إعادة تنشيط اقتصاده المتدهور سواء بتأجيل الديون أو الحصول على قروض أخرى بشروط تسديد مناسبة.

الاستفادة من مساهمة العرب  في إعادة البناء.

استثمار قوة العرب في الضغط على الدول الدائنة له بتأجيلها أو تيسير تسديدها ومن ثم التحرك بضمانتهم للحصول على تسهيلات في التعامل التجاري اللازم لإعادة البناء.

والعراق في هذا المجال لا يمكن أن يبقى سلبيا أي الطرف المستفيد فقط لأنه ومن خلال علاقاته الصحيحة مع العرب سيقدم لهم الكثير على المدى البعيد لما يتمتع به من إمكانات وقدرات تساهم في تعديل توازنهم مع أعدائهم وتجنبهم احتمالات التهديد المتواصلة وغيرها أمورا في الجوانب الثقافية والعلمية  والمادية عندما يعود العراق إلى سابق عهده . من هنا ينبغي الانتباه لهذه النقطة المهمة  وأن لا ننسى الحقائق المتعلقة بها ونحن مشغولون بمحنتنا في العودة  إلى الاستقرار، وأن لا نتجاوز معطيات المعادلة الصعبة في إطارها ونحن نتوجه لإعادة ترتيب أوضاعنا الداخلية التي تعتمد بطبيعة الحال على جهودنا  الذاتية، وأن نضع بالاعتبار:

ان انتماءنا إلى هذه الآمة لا يضعفنا بالقدر الذي يكون عامل دعم لتفعيل وجودنا في هذا العـالم القلـق.  

ان ترميم التصدع الذي كونته القيادة الحالية مع العرب خطوات نبدأها نحن العراقيون.

وأن نفتش معهم عن علاقة متوازنة دون الحاجة إلى السعي لقيادتهم بنظرة البعث الاستعلائية أو البقاء في آخر القافلة دون اكتراث فنكون هدفا سهلا للآخرين الذين لا يمكن ضمان توجهاتهم.

 3. العلاقات الدولية

بقي العراق ومنذ تأسيس دولته الحديثة عام 1921  مستقلا بحدود معقولة تتناسب والظروف السياسية لتلك المرحلة الزمنية، قادرا على التحرك إقليميا ودوليا بحدود مقبولة وتلك الحقبة التاريخية، ولحين مجيء حزب البعث إلى السلطة عام 1968 وقيام حكومته بالتحرك إقليميا ودوليا على ضوء المصالح الضيقة والرؤية المحدودة والانفعال المطلق الذي قادها مع بداية التسعينات إلى وضع العراق في موقف دولي صعب بعد أن قطعت معظم دول العالم علاقاتها معه ومن ثم تحالفت أكثر من ثلاثين دولة عام 1991 لإخراجه من الكويت بقوة السلاح وفرضت عليه شروطا قاسية كانت مدمرة ليس في مجالها الاقتصادي والاجتماعي والعلمي فحسب بل والسياسي أيضا حتى بات العراق بسببها متخلفا عن العالم وحركته الحضارية. وعليه لابد أن يكون السعي حثيثا لتجاوز هذه الآثار في أي برنامج تعده الحكومة العراقية واضعة في الحسبان:

أن يكون العراق عنصرا للاستقرار في المنطقة وليس بؤرة توتر فيها.

أن يتعامل مع الجميع بروح الاخوة العربية والقيم الإسلامية ومعاني الإنسانية الحقيقية.

الأخذ بالاعتبار المبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقات الدولية في إقامة العلاقات وديمومتها.


الخـاتـمـــة

عند النظر إلى أية مشكلة سياسيـة في عالم اليوم نرى أن حلها يأتي من تفاعل عاملين أحدهما خارجي والآخر داخلي، ولو عممنا هذه الحقيقة على عراقنا الحالي لوجدنا أن العامل الخارجي في مشكلتـه متداخل بشكل معقـد يلـزم النظر إليه من زوايا واتجاهات متعددة.

فمن الزاوية الغربية على سبيل المثال نشاهد أن الغرب الذي خطط لمشكلتنا وأدار كل جوانبها، ينظر إليها ولأساليب التعامل معها نظرة تختلف عن الإيرانيين الذين يتحسسون وجهة النظر الغربية واحتمالات تهديدها لثورتهم الإسلامية، وكلا النظرتين تختلف عن رؤية العرب الذين ينقسمون في إطارها على ضوء قربهم من العراق بؤرة المشكلة أو ابتعادهم عنها، وهكذا الحال بالنسبة لتركيا وروسيا وفرنسا والصين وغيرهم . والاختلاف بالنظرة إلى المشكلة يؤدي بطبيعة الحال إلى الاختلاف بتصور الحلول اللازمة لها وبمقدار المساهمة بصياغتها أو بتنفيذ بعض فقراتها، لأنها حلول وان تقتضي الضرورة انبعاثها من الداخل لكنها ستمر حتما عبر أنفاق العديد من الدول أو قريبة منها على أقل تقدير.

وبالعودة إلى العامل الداخلي في مشكلتنا هذه نتلمس تعقيدات أكثر فبالإضافة إلى انعكاسات الرؤية الخارجية على حركة الداخل هناك ضغوط  الحروب والجوع والفقر والتمييز والطائفية والقهر والاستعباد والخوف والتشتت والذاتية وعدم تحمل المسؤولية وضعف الروح الوطنية وتدني مستوى النضج السياسي وغيرها سلبيات أدى تفاعلها كعوامل داخلية مع تلك المذكورة خارجيا إلى اضطراب وضع العراقيين وبينهم بعض فصائل معارضتهم التي اتسمت بالفرقة والتشتت والميل إلى الانتقاد حد التجريح واختلاف الرأي حد الاتهام وكثرة الاجتهاد حد التخمة والوصاية على الشعب العراقي لمستوى طرح الكثيرين أنفسهم بدائل وحيدة عن القيادة الحالية وغيرها خصائص سلبية وصفت بها تلك الفصائل رغم اتفاقها جميعا على حتمية التغيير. من هذا يرى التجمع العراقي الموحد أن  وضع العراق الحالي مشكلة ينبغي دراسة كل جوانبها وكذلك خطوات التعامل معها بعقلانية واتزان بعيدا عن التسرع والانفعال مع الأخذ بالاعتبار المعطيات الآتية :

قبول كل اجتهاد يسعى إلى التغيير باتجاه العراق الديمقراطي(الهدف العام ) دون الحاجة إلى وضع العقبات في طريقه أو المغالاة في انتقاده على مستوى العلن.

السعي لإيجاد حد أدنى من الأهداف المشتركة لكل المعارضة العراقية لتوحيد الفعل باتجاه التغيير.

العمل على وحدة المعارضة العراقية خطوة أولى تسبق كل الجهود الموجهة نحو التغيير. 

الإيمان بالتعددية السياسية والفكرية نهجا للقوى المعارضة وتجاوز عمليات التشكيك وعدم الوثوق بوجهات النظر التي لا تعيق المسيرة فقط بل وتطيل من عمر النظام وكذلك تزيد من الثمن الذي سيدفعه العراقيون من أمنهم واستقرارهم ومستويات عيشهم المتدنية في واقعها الحالي.

العمل على إيجاد تصـور مشترك للنهج السياسي المستقبلي للعراق ولدستور دائم ملائم لظروفه الحالية والمستقبلية.    

إن التجمع العراقي الموحد وعلى وفق تصوره أعلاه وطبيعة تركيبته التنظيمية من المثقفين والأكاديميين والاختصاصيين والخريجين يطرح برنامجه السياسي هذا بمحاور قابلة للتطوير تبعا لتغير الظروف ووفقا لشروط البحث والتقصي التي لا يمكن أن تنتهي عند حدود ثابتة.

وهو بمحصلته جهد فكري يسعى التجمع لوضعه إضافة لما موجود على الساحة الفكرية العراقية الغنية بطروحاتها. ومحاولة لمعالجة جانب من جوانب العمل السياسي المطلوب تكامله لتحقيق التغيير.

وهو في ذات الوقت دعوة لدعم الجهود المبذولة ورغبة في التعاون مع الجميع بالطريقة التي توحد فعل التأثير.

ويرى في برنامجه السياسي المذكور اتجاها لا يتجاوز رغبة العراقيين في إعادة بناء بلدهم بل وسعيا جادا إلى تجسيدها حقيقة على أرض الواقع وبصيغة تتسق ومصلحة العراق والسبل اللازمة لتحقيقها.

                   

ومن الله التوفيق        

                                 

د. سعد العبيدي

الأمين العام