أعاد صدام حسين تنظيم قواته من الحرس الجمهوري والخاص، وكذلك الحال بالنسبة إلى أجهزته الأمنية بعد العام 1991 على وجه الخصوص وفقا لما سمي في حينه بالولاء منه والعائلة الحاكمة، عليه ركز في السعي لتنفيذ فلسفته هذه باتجاه أن يحصر أكبر عدد ممكن من العسكريين من أهالي الدور، وتكريت، والشرقاط، والقرى القريبة منها في تلك الوحدات، وسلم مسئولية قيادتها العليا إلى قصي ولده الموثوق، ووضع في مفاصلها القيادية العليا ضباط من العائلة والعشيرة المقربين إلى قلبه، معتقدا أن هذا الإجراء يدفع عموم أولئك العسكر والضباط إلى السير معه إلى آخر المطاف، كذلك الدفاع  عنه مهما كانت الظروف، دون أن يضع في الاعتبار أن عددا من أقرباء هؤلاء العسكر الموجودين في تلك الفرق والألوية والوحدات قد أعدموا من قبله تحت عديد من التهم وفي كثير من المناسبات.

إن وضع أهالي تكريت والمدن القريبة منها في قيادة واحدة، وإبعادهم عن وحدات الجيش كانت من بين أكبر الأخطاء التي أرتكبها صدام حسين بحق أهل تكريت لأنه أراد بعمله هذا تكوين نوع من العزل وعدم التجانس بينهم، والأهل في المحافظات الأخرى، وأراد أيضا أن يجعل من شباب تكريت حراس شخصيين له، وحمايات من أجل عائلته، وعيون لعملائه  فحشرهم حشرا في الحرس الخاص والجمهوري وكذلك في جهازي الأمن الخاص والمخابرات.

إن الطريقة التي أعتمدها صدام لا يمكن وصفها إلا باللغم القاتل يحاول تفجيره في الوقت الذي يراه حرجا لحياته ومستقبل وجوده في الحكم دون حساب الآخرين وحياتهم.

من هذا وبسبب تطورات الموقف بالشكل السريع الذي نراه الآن لا بد من أن يعيد الكثير منا حساباته، ويضع في اعتباره أن القتال من أجل صدام وبقاءه في كرسي الحكم أمر لا فائدة منه، وإن المواجهة في حرب لم تؤمن فيها الحكومة قدرا بسيطا من التوازن مع الخصم انتحار عسكري، وإن التواجد قريبا من العائلة في تكريت وضواحيها هو الأسلم للعسكري وعائلته يوم تحتاجه في الصعاب.

إن الموقف الصحيح يقتضي منا التنبه والسير بالاتجاه الذي لا نكون فيه وقودا لهذه الحرب التي أشعلها صدام ولا ناقة لنا فيها ولا جمل،

وأن لا نتسابق مع غيرنا من أجل الموت ويبقى آل المجيد قادة على عسكرنا، وأسيادا على أهلنا وعشائرنا.

وأن لا نسلم رقابنا بيدهم.،

أن نكون حذرين في كل خطوة نخطوها قبل فوات الأوان.           

لندن: 27/2/2003