في الوقت الذي يتجه فيه المجتمع العراقي سياسيا إلى التشتت والفرقة كانت هناك جهود مخلصة لتوحيد الطاقات الملائمة لإعادة بناء العراق ديمقراطيا تمثلت بقيادة الائتلاف الوطني العراقي بحركاته الستة المؤسسة، وقيادتي حزب الاستقلال الوطني وحركة القوميين الديمقراطيين العرب، والحركة الوطنية لثوار الانتفاضة، كانت بدايتها مبادرة من حزب الاستقلال الوطني للتوحد مع الائتلاف الوطني العراقي في حزيران 2003، عقدت على أساسها عدة اجتماعات بين فيها ممثل حزب الاستقلال أن هناك جهودا للتوحد بين الحزب وحركات أخرى بينها حركة القوميين الديمقراطيين العرب أسفرت عن مقترح لدخول الأطراف الثلاثة في حوار، التحقت به أخيرا الحركة الوطنية لثوار الانتفاضة طرفا رابعا بهدف تنفيذ هدف التوحد والعمل سوية من أجل العراق الديمقراطي الموحد.

في اللقاءات الأولى التي حضرها ممثلون عن الحركات المعنية تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة تحت تسمية اللجنة التنفيذية للائتلاف الوطني برئاسة الدكتور مالك دوهان الحسن وعضوية السادة معاذ عبد الرحيم وهاشم جعفر، ومحمد حسين رؤوف، والدكتور كمال الجراح والمهندس عادل الشيخلي  ونسب الدكتور سعد العبيدي سكرتيرا لها. وقد حددت واجباتها بالآتي:

1. النظر في الصيغة الملائمة لتوحيد التنظيمات المعنية بتنظيم واحد على شكل حزب وفق الثوابت المشار إليها في البيان التاسيسي ليوم 1/1/2004.

2.  إقرار المطبوع الذي يعبر عن الحزب ويسهم في نشر أفكاره بين الجمهور.

3. النظر في مالية الحزب ومصادر التمويل.

4. تسمية الحزب رسميا.

5. التوحيد الفعلي للقيادات والقواعد.

إن عملية التوحيد أو تكوين حزب من حركات موجودة فعلا ذات اتجاهات قومية، وأخرى وطنية، ومن أصول يسارية، وأخرى محافظة معضلة في ظروف العراق الذي يعاني معظم أبنائه من داء الذات المفرط، ويسعى غالبية الساسة فيه إلى الوقوف في الصفوف الأولى...... معضلة تم تذليلها من خلال:

1. التأسيس في عملية التحاور على النوايا الطيبة والرغبات الجادة بتكوين حزب أكبر والتي دفعت قيادات التنظيمات الثلاثة للاتفاق على حل مفاصلها القيادية، والتنازل عن العناوين الفرعية من أجل العنوان الواحد الذي يقوى في إطاره الجميع. 

2. التعامل العملي مع الواقع العراقي الذي يتمثل في:

أ. حاجة الساحة السياسية إلى قوى أوسع ذات تأثير أكبر تتعامل مع الاحتكار السياسي الذي تمثل بالكبار (الستة) وآخرين يشاركونهم الحكم بعد أن تبين عدم فاعلية التنظيمات المتفرقة في عموم العملية الانتقالية.

ب. حاجة العمل السياسي الحالي إلى إمكانات مادية وإدارية لا تتوفر عند التنظيمات الصغيرة المتفرقة، وستكون موجودة نسبيا في التنظيمات الأكبر.

ج. إن فورة التأسيس والتعدد، ومرحلة التشتت ستنتهي، وستجد الأحزاب والقوى الصغيرة أن قدراتها البسيطة سوف لن تمكنها من الاستمرار، وسوف لن تكون متوافقة مع القوانين والضوابط المحتملة لتكوين الأحزاب.    

3. التواصل في اجتماعات أصبحت شبه يومية في الشهر الأخير أسهمت في تقريب المسافات بين المجتمعين وأزالت معالم الشك، وحجمت هامش الذاتية.

4. الإيمان بحقيقة أن السعي لتشكيل حزب أكبر يتطلب أن تتجاوز فيه الأطراف جميعا مسألة المحاصصة وتحقيق الربح على حساب الطرف الآخر، بل والاقتناع أن الخسارة الآنية في الموقع، والمكان، والعبارة أو الجملة هي ربح أكبر في الثبات والاستمرار والقدرة على تحقيق الأهداف في الحزب الجديد.

5. إن ظروف العراق والعالم غيرت من طبيعة العمل الحزبي وباتت أحزاب اليوم لا تقوم عمليا على أساس الفكر الشامل والاستراتيجية العامة، وبدلا منها أصبحت ترتكز على البرامج، والمشاريع التي يحتاجها المجتمع والتي يعتقد الحزب أنه مؤهل لتنفيذها، وتعتقد الجماهير أن وقوفها مع الحزب فرصة لتنفيذها.

لقد تم تجاوز معظم الصعوبات تدريجيا وكان أكثرها حرجا مسألة التسمية، وبعد أن طرحت عدة تسميات كانت كلمة الائتلاف القاسم المشترك لها جميعا، وتثبيتها يفسح المجال للآخرين شخصيات وحركات للانضمام مستقبلا بدافع التآلف، وهي كلمة في ذات الوقت تعبر عن صيغة التوحد من عدة قوى موجودة فعلا. وفي المناقشات اللاحقة أضيفت كلمة الوطني كتعريف لكلمة الائتلاف الذي يعد مبتدأ بحاجة إلى خبر لغويا. وعند عرض التسمية على التنظيمات المؤتلفة، طلبت قيادة حركة القوميين الديمقراطيين العرب عقد اجتماع مع الهيئة التنفيذية لمناقشة التسمية، وتم الاجتماع الذي طرحت فيه وجهات نظر ومقترحات عدة جرى الاتفاق أخيرا أن تضاف كلمة الديمقراطي إلى التسمية السابقة، ويكون الاسم الرسمي للحزب هو الائتلاف الوطني الديمقراطي. تسمية وافقت عليها اللجنة التنفيذية وأقرتها القيادات المؤتلفة.

للحزب نظامه الداخلي وهو أمر بدأت اللجنة التعامل معه حيث قدم أكثر من مشروع جرى الاتفاق على إحالتها إلى لجنة ستشكل بعد هذا المؤتمر لتوحيدها، ومن ثم صياغة نظام داخلي ملائم.

أما في المرحلة الحالية سيكون هناك مؤقتا ولحين عقد المؤتمر القادم في غضون  الأشهر الستة القادمة رئيس للحزب الدكتور مالك دوهان الحسن، وسكرتيرا عاما الدكتور توفيق الياسري وهيئة قيادية من السادة محمد حسين رؤوف، ومعاذ عبد الرحيم، وماجد الساري، واسماعيل عداي، وهاشم جعفر، وعادل الشيخلي، والدكتور سعد العبيدي( صيغة سيتم التصويت عليها في هذا المؤتمر). وستبقى الصيغ التنظيمية الموجودة حاليا فاعلة حتى يتم توحيدها وإعادة النظر في مستوياتها وصيغها خطوة لاحقة، وفي الإطار التنظيمي سيكون هناك مكتبا سياسيا، وأمانة عامة، وقيادات فرعية على مستوى المحافظات أو المناطق تبعا لسعة التنظيم، ومن ثم مكاتب تخصصية حسب الحاجة والإمكانيات المتاحة.    

كما إن للحزب برنامجه السياسي ستعرض بعض أسسه في التقرير السياسي الذي سيقدم في هذا المؤتمر، وستكلف لجنة خاصة بكتابته تبعا لحاجة العراق وتطور الموقف داخليا وعربيا وعالميا، على أن يعرض في المؤتمر الأول.

إن تسمية الحزب ونظامه الداخلي، ورؤية أعضائه للتعامل مع الواقع السياسي العراقي تدفع إلى التأكيد أن الحزب إطار سياسي عراقي مفتوح لباقي العراقيين من أجل الانضمام إلى صفوفه، حركات سياسية وأشخاص وطنيون وقوميون، غايتهم تكوين كتلة سياسية قادرة على:

1. المشاركة في إعادة بناء العراق سياسيا، واجتماعيا، وإداريا.

2. قيادة شرائح المجتمع العراقي نحو الحياة الأفضل.

3. المساهمة مع القوى، والحركات، والشخصيات، ومع الدولة في إنهاء حالة الاحتلال سلميا.

4. المحافظة على وحدة العراق أرضا وشعبا.

5. السعي إلى جعل العراق بؤرة استقرار في  محيطه العربي، والإسلامي، ومحاولة إبعاده جهد الإمكان عن معالم التوتر، والاضطراب التي وضع فيها منذ نصف قرن من الزمان.

إن الحزب بوضعه المستقبلي سيكون بحاجة إلى تمويل مالي يعينه على الاستمرار، وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الخاصية المادية في المجتمع العراقي حديثا والتي تدفع البعض إلى التفتيش عن الكسب من بين الأحزاب بدلا من التبرع لدعم مسيرتها، نجد أن الخيارات المتاحة أمام الحزب من أجل التمويل هي:

التمويل الذاتي من خلال الاشتراكات التي تحدد من قبل اللجان الخاصة مستقبلا، وهي بوجه العموم غير مؤمل أن تسد متطلبات الحزب الضرورية.  

التبرعات التي يمكن أن يقدمها البعض من الميسورين العراقيين في الداخل والخارج، وتعتمد على هامش تحرك القيادة، وبعض الشخصيات في الحزب.

مشاريع يمكن أن يسهم بها الحزب مع صناعيين أو تجار عند تيسر الإمكانيات.

الدعم الذي قد تقدمه الدولة للأحزاب بعد إقرار قانونها مستقبلا، وهو دعم عادة ما يكون مشروطا بمستوى تحرك الحزب، وبعدد المقاعد التي يحصل عليها في البرلمان.

إن مقومات الحزب في العمل السياسي العلني الحالي: جمهور منتسب، ومقرات للتوجيه والإدارة، وصحيفة تعبر عن وجهة نظر الحزب وأهدافه القريبة والبعيدة.

فالجمهور وسعة انتمائه للحزب  مسئولية يتحملها الأعضاء المؤسسون بكافة المستويات القيادية.

والمقرات موجودة في بغداد وبعض المحافظات، مؤجرة في معظمها لمدة لا تزيد عن السنة، وهي بوجه العموم بحاجة إلى النظر في حالها.

أما الصحيفة، فقد اتفقت اللجنة التنفيذية مبكرا على دمج صحف البلاط، والحرية، والبلاغ بصحيفة واحدة تصدر أسبوعيا في المرحلة الأولى اختير لها أسم البيرق ليكون اسما صحفيا، ومادتها عامة تساعد على بيعها في السوق الذي تشتد فيه المنافسة مع حصة للحزب بين 10ـ15%  تؤمن نشر أخبار، وحركة، وفكر الحزب.

والصحيفة اليوم من أهم ما يواجه الحزب وأعضاءه إذ أن الحاجة تقتضي إلى تمويلها بما لا يقل عن 2ـ3 مليون دينار شهريا، وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أنها أسبوعية ومادتها المحلية محدودة، فإن عملية البيع لتغطية النفقات ستكون صعبة إلا إذا زيد مستوى المساهمة المالية في تخصيصاتها، وانتقلت للصدور يوميا بدلا من أسبوعيا. ومع ذلك ستكون لمساهمة الأعضاء بشرائها وتوزيعها والكتابة فيها الأثر الكبير في استمرار صدورها وتغطية جزء من النفقات، من هذا قررت اللجنة التنفيذية أن يكون هناك اشتراك شهري في الصحيفة بمستوى لا يقل عن الألف دينار للعضو ذو المستوى المادي البسيط، يتدرج حسب المستوى القيادي والإمكانيات المادية لمستوى لا يقل عن عشرة آلاف دينار لأعضاء الأمانة العامة والمكاتب. وأن تسهم الأمانات الفرعية في عمليات التوزيع وتحصيل الاشتراكات بالتنسيق مع الأمانة العامة.

إن إنشاء حزب من حركات عدة وبمناح فكرية وطنية وقومية وباجتهادات متعددة في ظروف العراق الحالية حيث الفوضى والاضطراب، سابقة غير معهودة في العمل السياسي العراقي قبل فيها المؤسسون هذا التحدي الكبير ليعطوا في مجاله مثلا لمن يسير باتجاه الفرقة والتشتت، وهو قبول فيه قدر كبير من المجازفة التي يمكننا تخطي احتمالاتها السلبية إذا ما تجاوزنا ذاتيتنا، وحسبنا خسارتنا الشخصية ربحا جماعيا، وقدمنا الأكفأ منا خطوة في الموقع من أمامنا، وتذكرنا أن العراق مشكلة حلها يكمن بتضحية الأهل بالجهد والوقت والمال.... إنها مجازفة، وطرح قد يكون مثاليا في بعض جوانبه، ومشروعا فيه قدر من الصعوبة في التنفيذ نضعه بين أيديكم اليوم، ومعه حقيقة أن لا خيار أمام العقلاء، المصلحين، الوطنيين الراغبين في درء الخطر عن أنفسهم والعراق إلا قبوله والتوكل على الله.                      

                                                

الدكتور سعد العبيدي

سكرتير اللجنة 

بغداد 18/1/2004