يوم واجه صدام موقفا صعبا هدده شخصيا، ونظام حكمه بعد انتفاضة أربعة عشر محافظة من محافظات العراق الثمانية عشر بعث سبعاوي ووطبان، وآخرين من عائلته إلى العشائر العراقية العربية والكردية في الأنبار وصلاح الدين والموصل وأربيل ينتخيهم لمعاونته في ضرب أبناء العراق من الوسط والجنوب، وعلى أساس تلك النخوة التي بين فيها صدام ضعفه وتوسله استجابت عشائر ورفضت أخرى، وانتهت الانتفاضة مذبحة لمئات الآلاف من العراقيين، ورغم ذلك فإن أخوتنا في الوسط والجنوب برروا لبعض العشائر فعلتها وقال وجهائهم أن أخوتنا مغلوبين على أمرهم، وقد جاء بعضهم إلينا تحت التهديد، وهم عارفين صدام وتعطشه للانتقام ممن لا يستجيب إليه.

وصدام في وقتنا الراهن بدأ يتحسب إلى مثل تلك المواقف من الآن، إذ أرسل على بعض شيوخ العشائر، وأختلي بهم سرا في نهاية شهر شباط أي ثبل أيام، وحاول حثهم على تجنيد رجال من أرحامهم، بغية نقلهم إلى أماكن في الجنوب تحسبا من أن يحدث مثلما حدث في آذار عام 1991.

إن صدام الذي لا يأبه بالمستقبل ولا يهتم بما يمكن أن تتسببه مثل هذه الأعمال من فتن بين العشائر وثارات لا تنتهي.

ولا أحد من العراقيين يحتاج إلى تنبيهه بخطورتها على الحاضر والمستقبل.

ولا أحد من أفراد تلك العشائر بحاجة إلى تذكيره بما فعله ذلك الطاغية بعد الانتفاضة عندما تفرغ من أهل الجنوب ودار أسلحته إلى الأخوة من عشائر الدليم، والجبور وقتل كثير منهم بحجة التآمر وعدم الوفاء.

هذا هو صدام يألب العشائر وينخاها ثم يعاود قتل أبنائها عندما يتمكن منهم، لأنه لا يريدهم أقوياء، يحاول دفعهم تحت ذرائع الطائفية، ويأمر بذبح الأئمة والمصلين في مساجدها لأنه لا يستوعب تقواهم.

وهكذا يبقى صدام ماسكا السيف في يده اليمنى والدينار في يده اليسرى يفسد في الأرض ويأتي على كل شيء في العراق.

هذا هو الواقع الحقيقي لصدام حسين لا بد أن تضعه العشائر العراقية في حساباتها عندما تتعامل معه مع بدايات الحرب، وتأخذ بالاعتبار أن العراقيين سوف لن ينسون المواقف المؤلمة .... وإن برروا مرة تنفيذ أوامر الذبح على أساس قوة وجبروت صدام، سوف لن يجدون من يبرر لهم أعمالهم هذه المرة لأن صدام سوف لن يكون في الساحة أبدا، عندها سيكون من يرتكب خطأ من عشيرة بالضد من عشيرة أخرى وإن بعدت عن منطقة سكناه مئات الكيلومترات سيرتكب خطأ الفتنة والتناحر الطائفي الذي أراده صدام وسيلة للسيطرة على شعبنا المظلوم.

أن شيوخ العشائر العراقية معروفين بحكمتهم، وحسن تمسكهم بالقيم العشائرية الأصيلة .... يطالبهم العراقيون أن لا يضحوا قبل فوات الأوان بتاريخهم وأصولهم من أجل حاكم لا هم له سوى البقاء في السلطة.


لندن: 4/3/2003