اتجاهات البحث العلمي في الأزمة العراقية

( مشروع مقترح )

 

1 . ينظر العراقيون المنتمين وغير المنتمين لقوى المعارضة إلى الأزمة العراقية نظرة مختلفة، ويرون في وسائل حلها رؤية أو مجموعة رؤى مختلفة أو متناقضة، ويتصورون البديل لما بعد التغيير تصورات مختلفة أيضا، اختلافات أوصلت ردود فعل البعض منهم في أحيان ليست قليلة إلى تجاوز حدود الأخوة والرفقة والزمالة اللازمة لديمومة تأثير الفعل المعارض حتى وصلت في مواقف ليست قليلة إلى مستوى الملامة والنقد والتجريح، رغم أنهم "العراقيين" جميعا متوحدون في هدف  تغيير نظام الحكم الظالم وإقامة البديل الملائم، وهذه حالة فرقة وتشتت انعكست آثارها سلبا على الأزمة العراقية في جوانب عدة من بينها:

أ. ضعف الارتباط التلازمي بين الجمهور كقاعدة وبين العديد من فصائل المعارضة  كقيادات له.  

ب. ضعف الفعل الموجه ضد الحاكم الظالم.

ج. تشويه صورة القيادي المعارض، واستنزاف معظم طاقاته المتيسرة للدفاع عن وضعه الشخصي، وحالة فصيله المعارض.

د. إضعاف موقف المعارضة العراقية كَنِدْ في التفاوض والتعامل مع الدول والقوى ذات النفوذ والتأثير على  مجريات الأزمة العراقية.

هـ. كثرة الاجتهاد في التعامل مع الأزمة، وتشعبه الذي يفضي إلى المزيد من الولادات المبتسرة لفصائل معارضة جديدة.  

و. إطالة عمر النظام وزيادة وتائر التدمير للمجتمع العراقي.

....... الخ من انعكاسات سلبية، تتلمسها جميع قوى المعارضة وتطرحها للنقاش في جلساتها الخاصة، أو في لقاءاتها العامة بينها والآخرين من باقي العراقيين، لكن خطوات إيقافها عند حدود معينة أو تجاوز بعض حدودها لم تحقق ما يصبوا إليه العراقيون معارضين وغير معارضين حتى وقتنا الراهن.

2. في حوار مفتوح لأساتذة مختصين في الائتلاف الوطني العراقي وأساتذة مستقلين جرى في 18/9/2000 لمناقشة هذا الموضوع تم التوصل إلى جملة استنتاجات يتعلق بعضها بأسباب هذه الفرقة ويتعلق البعض الآخر بآثارها الجانبية على فعل التغيير وإقامة النظام الملائم، والقسم الثالث بالمقترحات الخاصة بالتعامل مع موضوعها، وكان المقترح الأكثر أهمية هو:

ضرورة النظر إلى الأزمة العراقية من زاويا متعددة بينها الزاوية العلمية.

والتعامل معها على أسس متنوعة بينها أساس البحث والتقصي العلمي.

والنظرة العلمية إن تحققت خطواتها بشكل صحيح سوف لن تتوقف المساعي في التعامل مع الأزمة عند حدود يريدها طرف ما أو لا يريدها آخر، وسوف لن تتأخر خطوات التفتيش عن حلول ملائمة لها عند حدود التأييد الإقليمي أو عدمه، وسوف لن تحور نتائج البحث في مجالها بوجود الضغط الدولي النافذ من عدمه، كما هو حاصل في مجال النظر إلى الأزمة من الزاويتين السياسية والعسكرية اللتان تستجيبان بسهولة أكبر لمثل تلك المتغيرات بسبب الضغوط الفاعلة في مجالهما، وبمعنى آخر أن القيود التي يمكن فرضها على حركة المعارضة العراقية (محليا وإقليميا ودوليا) من الناحية السياسية والعسكرية والتنظيمية لا يمكن وضعها على حركة البحث العلمي التي تستمر بالتفتيش عن الحلول الملائمة حتى مع توقف الجهود السياسية والعسكرية للمعارضة أو تأخر حركتها.

3. وتأسيسا على ما ورد أعلاه اقترح المتحاورون صيغة مركز بحث استراتيجي للأزمة العراقية كصيغة ملائمة في الوقت الحاضر، يعمل وفق أسس معينة (قابلة للنقاش) من أهمها:

أ. أن يكون المركز مستقلا في إدارته ليتمكن من إعطاء وجهة نظر علمية غير منحازة لجميع الفصائل المعارضة.

ب. يشكل في المركز مجلس إدارة من الفصائل المعارضة والهيئات العراقية المشاركة في تأسيسه ودعمه.

ج. أن يعمل في المركز باحثون مختصون "عراقيون" معارضون أو مستقلون من كافة العلوم والتخصصات ذات الصلة بموضوع الأزمة العراقية.

د . تحدد أهداف وواجبات المركز لجنة تشكل من بين القوى والفصائل المعارضة الداعمة لوجوده ، وبعض الأساتذة المختصين.

هـ. تتحدد صيغ توزيع جهود البحث العلمي بين المستفيدين من الفصائل العراقية المعارضة على أسس معينة قابلة للتطبيق، ومن قبل اللجنة المذكورة في (د) أعلاه.  

و. يكون تمويل المركز ماليا من الفصائل العراقية المعارضة والهيئات الخيرية والمرجعيات الدينية.  

ز. يبدأ المركز عمله في دمشق الساحة الأقرب للساحة العراقية، وفي حالة نجاحه يمكن فتح فروع له في أماكن أخرى وبما يخدم الفعل العراقي المعارض.

4. إن صيغة تشكيل مركز للبحث الاستراتيجي (شامل لغالبية الفصائل المعارضة) وعلى أسس علمية سليمة سيساهم حتما في تقريب وجهات النظر بين فصائل المعارضة العراقية في ثلاثة اتجاهات رئيسية هي:

أ.  يمثل الأول سبل ووسائل وأدوات التغيير الملائمة للظروف المحيطة.

ب. ويمثل الثاني الرؤية الأقرب لواقع نظام الحكم لما بعد التغيير وتبعا لطبيعة المجتمع العراقي ونضجه الحضاري والمتغيرات الدولية السائدة.

ج. أما الثالث فيمثل الجهود التي يمكن حشدها من الآن لتقليل الفراغ المحتمل لما بعد التغيير، وتأثيراته الجانبية على المجتمع العراقي ونظام الحكم البديل.

5 . إن الباحثين والمختصين العراقيين ورغبة منهم في خدمة القضية العراقية وضعوا مقترحهم هذا بشكل أولي قابل للمناقشة، سعيا منهم لتقديم إضافة جديدة، ومن منحى علمي جديد قد يكون مع الجهد  المعارض الموجود على الساحة قادرا على المساهمة بتوحيد وتقوية.

 

د. سعد العبيدي

الناطق الرسمي