تناولت صحيفة فرانس سوار موضوع القاعدة واعتبرت أنه تنظيم قد فقد تأثيره الميداني وتحول إلى مرجعية إيديولوجية لمجموعات إرهابية أخرى تأخذ على عاتقها تنفيذ هجمات إرهابية دون الرجوع إلى أسامة بن لادن أو ساعده أيمن الظواهري وأضافت أن الهجمات التي تعرضت لها مدريد ولندن في العامين 2004 و 2005 اكبر مثال على وجود مجموعات إرهابية تستخدم إيديولوجية القاعدة في تنفيذ ضرباتها بشكل مستقل، وقد جاءت وثيقة الاتهام التي وجهتها السلطات الاسبانية ضد 29 متهما بالضلوع في هجمات مدريد لتؤكد بان المتهمين ينتمون إلى خلية إرهابية محلية استوحت إيديولوجيتها من القاعدة دون أن تنتمي إليها، فأعضاء هذه الخلية ينتمون إلى مجموعة إسلامية مغربية تدعى جماعة الجهاد السلفية.

وكذلك الحال بالنسبة للهجمات التي تعرضت لها العاصمة لندن والتي تشير إلى أن "القاعدة" ليس لها علاقة مباشرة مع المنفذين، حيث بينت السلطات البريطانية أن المنفذين هم مسلمون بريطانيون لا تربطهم علاقات معها وإنها فشلت في العثور على دلائل تشير إلى وجود أية علاقة لهم وتنظيم القاعدة.

وتضيف الصحيفة إلى إنه يمكن القول بان دور "القاعدة" في الهجمات الإرهابية التي تشهدها المدن العراقية مبالغ فيه، فالقاعدة في العراق مجموعة من بين مجموعات كثيرة، وان الولايات المتحدة بالغت في حربها على الإرهاب في التركيز عليها مما يعني إن إستراتجية الولايات المتحدة الرامية إلى الربط بين الإرهاب الذي تشهده الأراضي العراقية وتنظيم القاعدة "خاطئة".

أن الخطر الذي يحدق بالغرب لا يأتي من المتطرفين الذين يجابهون القوات الأمريكية في العراق، بل من مجموعات وضعت أمام نصب أعينها "عولمة الجهاد" ضد الغرب. هذه المجموعات ليست بعيدة عن الغرب، بل تعيش داخله، فالحديث يدور عن شباب ولدوا وترعرعوا في دول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا وغيرها، وهذه المجموعات تستمد إيديولوجيتها من "القاعدة" أما التشجيع على القيام بالهجمات، فأن هؤلاء الشباب يستمدونها من حالاتهم الشخصية ومحيطهم الاجتماعي في البلد الذي يعيشون فيه.

المتعاطفون مع "الإرهاب الإسلامي" يزداد عددهم، وان الحديث لا يدور حول متعاطفين مسلمين، بل أيضا عن شباب يعتنقون ديانات أخرى. وتؤكد الصحيفة على وجود "ثقافة التطرف" عند الشباب في المجتمعات الغربية، هذه المجموعات تنشر ثقافة الكراهية والعنف ليس بالضرورة عن طريق الإسلام أو الدين كوسيلة، بل من خلال الموسيقى والأغاني والفيديوهات المصورة التي أضحت تمثل الأرضية لتنفيذ مثل هذه الهجمات، وباتت مسألة محاربتها مسألة شاقة وصعبة ومعقدة.


تعليق 

يمكن الاتفاق مع رأي الصحيفة فيما يتعلق بكون القاعدة مجموعة من مجموعات إرهابية كثيرة تعمل على الساحة العراقية، وإنها أي القاعدة تتحول بالتدريج نتيجة لكثرة الخسائر التي تتكبدها في الحرب والطوق المفروض على أنشطتها المالية والإعلامية والعملياتية لتكون مرجعا أيديولوجيا تستمد منه العديد من المنظمات الإرهابية دعمها المعنوي وزادها الفكري لتنفيذ عمليات إرهابية دون الرجوع إلى أسامة بن لادن الذي توارى بعيدا عن الرصد البشري والالكتروني، لكنه ومن جانب آخر لا يمكن الاتفاق معها فيما يتعلق بأنشطتها في العراق إذ إنها وحتى الوقت الراهن هي الفاعل الأكثر تأثيرا في الساحة بسبب التدريب الراقي لقادتها، والدعم المالي، والالتزام العقائدي في تنفيذ عمليات القتل والإبادة التي لا تتوفر مثلها عند المنظمات الإرهابية التي يكون منشأها عراقي، وإدارتها عراقية.

28/6/2007